بيت اللسانيات بيت اللسانيات

آخر الأخبار[cards]

جاري التحميل ...

تعليق

هل تراجعت اللغة أم تراجع الوعي؟

حين نسمع أن العربية في تراجع، نسارع إلى الحديث عن مناهج التدريس، أو شبكات التواصل، أو زحف اللغات الأجنبية. لكن السؤال الأعمق ليس لماذا تراجعت اللغة، بل لماذا تراجع الوعي بها؟ كيف انتقلنا من زمن كانت فيه العربية أداة تفكير وابتكار، إلى زمن نخجل فيه من استخدامها خارج الصفوف الدراسية؟


المشكلة ليست في اللغة، بل في علاقتنا بها. في الطريقة التي نراها بها: هل نراها عبئًا نحمله؟ أم أفقًا نفكر من خلاله؟ اللغة تموت حين يُجبر الناس على استخدامها، لكنها تحيا حين تُعاش بحرية، حين تتحول من واجب إلى انتماء، من قيد إلى أفق.


جيلٌ كامل تربى على فكرة أن العربية لا تصلح للعلم، ولا تصلح للفن، ولا تصلح للخطاب العصري. وكأنها حُبست في زمن النحو والصرف، وكأنها عجزت على أن تواكب الحياة الحديثة. لكن الحقيقة أن اللغة لا تعجز، بل من يستخدمها حين يُحجّمها داخل قوالب جامدة.


اللغة لا تُقاس بعدد الكلمات التي نحفظها، بل بمدى قدرتها على التعبير عن ذواتنا. نحن من نخذلها حين نستخدمها آليًّا، جافة، خاوية من المعنى. نمارسها كواجب مدرسي، لا كنبض داخلي. فهل اللوم على اللغة، أم على من نزع منها الحياة؟


من السهل اتهام التقنية والعولمة. الأصعب أن نعترف أننا سمحنا بتحوّل لغتنا من كائن حي إلى أثر تراثي. ندرسها كما ندرس التحف: نعجب بها، نحترمها، لكن لا نعيش معها.


فمتى نعيد للغة روحها؟

ومتى نعيد لأنفسنا لغتنا؟

أم أننا ببساطة لم نعد نعرف ما الذي فقدناه فعلًا؟

عن الكاتب

بيت اللسانيات | Bitlisaniyat

التعليقات


اتصل بنا

من أجل البقاء على تواصل دائم معنا ، قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في موقعنا ليصلك كل جديدً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

بيت اللسانيات