بيت اللسانيات بيت اللسانيات

آخر الأخبار[cards]

جاري التحميل ...

تعليق

ظاهرة التذكير والتأنيث بين المنطق العقلي وواقع اللغة (مقال محكم)

 


مقال «ظاهرة التذكير والتأنيث بين المنطق العقلي وواقع اللغة» للدكتور فرهاد عزيز محي الدين يتناول إحدى أعقد القضايا اللغوية التي حيّرت القدماء والمحدثين، وهي إسناد التذكير والتأنيث إلى الألفاظ. يرى المؤلف أن هذه الظاهرة لا تخضع دائماً للمنطق العقلي الصارم، وإنما تسير وفق منطق لغوي خاص يتأثر بعوامل اجتماعية وثقافية ودينية وخيالية. فالعقل يربط التذكير والتأنيث بالجنس الطبيعي، أي الذكر والأنثى، لكن اللغة توسّع الدائرة لتشمل الجمادات والظواهر الطبيعية، فنجد الشمس مؤنثة والقمر مذكراً، ونجد ألفاظاً لا جنس لها أُلحقت بالمذكر أو المؤنث اعتباطاً أو تقليداً.

في العربية، قُسمت الظاهرة إلى مذكر ومؤنث حقيقيين ومجازيين. وضع النحاة علامات للتأنيث مثل التاء المربوطة والألف الممدودة والهاء، لكن هذه العلامات ليست مطّردة، فكثير من الألفاظ تخالفها. كما يظهر التناقض في أسماء مؤنثة تطلق على رجال كطلحة وأسامة، وأسماء مذكرة تختص بالنساء مثل حائض ومرضع. وتزيد اللهجات العربية في إرباك القاعدة، إذ يختلف التذكير والتأنيث من قبيلة إلى أخرى، فنجد كلمة مثل “النخل” مذكّرة عند قوم ومؤنثة عند آخرين.

عند المقارنة باللغات الأخرى، يبيّن المؤلف أن السامية عامة تعامل الأسماء معاملة المذكر والمؤنث، بينما أضافت اللغات الهندوأوروبية قسماً ثالثاً هو المحايد كما في الألمانية واللاتينية، في حين اختارت الإنجليزية الاستغناء عن العلامات الشكلية مكتفية بالضمائر He, She, It. وهكذا تختلف اللغات باختلاف ثقافة الشعوب ومعتقداتها.

يخلص الكتاب إلى أن التذكير والتأنيث ظاهرة اجتماعية لغوية أكثر من كونها منطقية عقلية. فهي انعكاس لثقافة المجتمعات، لخيالها ومعتقداتها، أكثر مما هي انعكاس لقوانين الفكر. محاولات النحاة لتقنينها أدت إلى قواعد متأرجحة بين المنطق والاعتباط، لكنها لم تستطع أن تفسر جميع الظواهر. إن التذكير والتأنيث يكشفان أن اللغة ليست مرآة للعقل، بل لها منطقها الداخلي الذي يتجاوز قوانين التفكير البشري.


رابط التحميل

عن الكاتب

بيت اللسانيات | Bitlisaniyat

التعليقات


اتصل بنا

من أجل البقاء على تواصل دائم معنا ، قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في موقعنا ليصلك كل جديدً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

بيت اللسانيات