نظم فريق اللسانيات والانسانيات بأكاديمية بيت اللسانيات بتركيا محاضرة علمية في موضوع منهجيات البحث العلمي في حقل العلوم الإنسانية والاجتماعية بتقديم من شيماء مضلومي وتقرير عبد الهادي اباغانم وذلك على الساعة الخامسة بتوقيت المغرب والجزائر وتونس والسابعة بتوقيت مكة المكرمة بتاريخ 21 أبريل 2024.
استهلت
المحاضرة بترحيب الأستاذة شيماء مضلومي مسيرة المحاضرة العلمية بالدكتورة منال الراوي
وشكرها على قبول الدعوة باسم إدارة بيت اللسانيات والإنسانيات والاكاديمية الدولية
بتركيا، بعد ذلك باشرت الدكتورة المحاضرة بإلقاء محاضرتها، حيث بدأت باستبيان
تعارف من خلال طرحته عن طريق رابط طلبت من متتبعي اللقاء الإجابة عنه لأجل إحصاء
عدد المتتبعين وتحديد دولهم ونسب الاستفادة من المحاضرة وكذا تحديد لغة تحليل
البيانات التي اختيرت بشكل كبير بعد لغة العربية الإنجليزية ثم الفرنسية ولغات
أخرى كلغات ثالثة، فتبين لها أن العملية الإحصائية التي قامت بها آنذاك أن مستويات المتتبعين للمحاضرة أغلبهم من
سلك الماستر والدكتوراه، بعد ذلك بدأت بالإشارة إلى أهم المراجع التي اعتمدت في شق
بناء المحاضرة النظري في منهجيات البحث، ثم تطرقت إلى خصوصية البحث العلمي في حقل
العلوم الإنسانية والاجتماعية باعتباره يتخصص في دراسة الظواهر الإنسانية خلافا
على الظواهر الطبيعية كونها ظواهر جد معقدة ومترابطة ومرتبطة بسياقها التاريخي.. وأكدت
الدكتورة المحاضرة على أن الباحث في العلوم الإنسانية يحتاج إلى استعمال حس
الابتكار لمعالجتها، ثم بعد ذلك مرورها إلى تبيان أنواع المناهج أو المدارس
البحثية بداية بالمنهج الكمي ومرجعيته الإبستمولوجية أو الفلسفية وكذا إلى النظرية
المعرفية الوضعية، إذ أن هذه الظواهر الاجتماعية يمكن دراستها بنفس طريقة دراسة
الظواهر الطبيعية والمادية، وأنه يمكن الوصول إلى تفسير العلاقات بين الظواهر
واستخلاص قوانين أو قواعد اجتماعية وانسانية كما هو الحال في العلوم الدقيقة..
وأشارت الدكتورة كذلك إلى أن المعرفة موجودة مسبقا بطريقة موضوعية (أي مستقلة عن
الباحث) وأنه يجب استنباطها باستعمال وسائل قياسية فعالة، ثم أشارت إلى غايات
البحث كانت تصب في الوصف أو الاستطلاع والتفسير والتنبؤ حيث تتجلى غايات البحث
الكمي في انطلاق الباحث من إطار نظري مسبق ويضع فرضية لدراسة الظاهرة في حين أن
البحث الكمي ينتج دائماً نتائج غير كاملة وهو لا يهدف إلى إثبات نظرية أو فرضية
ما.. وأشارت كذلك إلى طرق جمع البيانات وتحليلها إذ إن تجميع البيانات تتم عن طريق
الاستبيان، شبكة الملاحظة بعد التحقق من صلاحيتها في حين يتم تحليل البيانات عن
طريق تحديد المتغيرات والقيام باختبارات إحصائية حسب الهدف المرجو.
لقد
أشارت الدكتورة المحاضرة كذلك إلى معايير البحث والتي تمثلت في الصلاحية الداخلية،
والصلاحية الخارجية، والموثوقية، وقابلية التعميم.
بعد ذلك
أشارت إلى تصاميم المنهج الكمي والتي ركزت فيه على خمسة عناصر وهي:
التصميم الإقصائي
- والتصميم التجريبي- الشبه تجريبي- والتصميم القبل تجريبي- والدراسة الكمية للحالة..
وهي عناصر جد مهمة في عمليات البحث.
ثم بعد
ذلك ذهبت إلى ذكر منهج آخر للبحث وهو المنهج النوعي باعتباره مدرسة أخرى مختلفة عن
المدرسة الأولى والتي ترى بأن دور الباحث يتجلى في البحث عن الأسئلة المتعلقة
بالكيفية والنوعية وهو منهج علمي حديث تطور وازدهر مع العلوم الإنسانية وتاريخ
نشأته مع مدرسة البحث النوعي، بحيث هم أول من طوروا هذا المنهج بصفة عامة ومدرسة
شيكاغو بصفة خاصة.. وأشارت الدكتورة كذلك إلى أن مرجعياتهم الإبستمولوجية التي
كانت مرجعية مختلفة جداً بتبنيهم النظرية المعرفية التفسيرية بإحداثها قطيعة مع
الفلسفة الوضعية وقطيعة ابستمولوجية، إذ يرتبط التيار التفسيري بأعمال ماكس ويبر
الذي يرى أنه على العلوم الإنسانية والاجتماعية أن تهتم بفهم وتفسير الظواهر
الاجتماعية وعلى أن المعرفة ليست ذات وجود مسبق ومستقل عن الإنسان في حين إن
الإنسان هو الذي يبنيها بتجاربه، وكل يرى المعرفة بمنظوره الذاتي باعتبار المعرفة
نسبية مستنتجة من غايات البحث العلمي، إذ في ذلك الصدد ذهبت إلى أن غايات البحث
النوعي هو فهم الظواهر الإنسانية واستقرارها (تفسيرها تفسيرا استقرائيا وليس
استنباطيا ) أي ستقرأها من الواقع.
أشارت
الدكتورة المحاضرة كذلك إلى أن الطرق المستعملة في جمع وتحليل البيانات تكون في
تجميع بيانات سردية أو نوعية وذلك عبر المقابلة الموجهة جزئياً أو المقابلة
المفتوحة عبر مجموعات التركيز (مقابلة جماعية)، أو الملاحظة التشاركية، أخذ نسخ من
الوثائق، التصوير الفوتوغرافي والتسجيل الصوتي والمرئي.. وأن تحليل البيانات يتم
عبر الترميز الاستقرائي، طريقة تحليل المحتوى... وقد اختاروا لأنفسهم معايير علمية
في البحث بتركيزهم على الموثوقية، المصداقية، التحويلية (قابلية التحويل).. ثم
أشارت الدكتورة كذلك إلى تصاميم المنهج النوعي المتمثلة في:
التصميم الظواهري
(الفينومينولوجي)، التصميم الإثنوغرافي (متعلق بعلم الأعراق)، النظرية المتأصلة،
التصميم التاريخي، الدراسة النوعية للحالة، البحث الاجرائي النوعي.
ثم بعد
ذلك انتقلت الدكتورة المحاضرة إلى الحديث عن ظهور مدرسة ثالثة مخالفة للمدرستين
السابقيتين وهي مخالفة تماماً لهما والتي اختارت لنفسها منهجاً آخر وهو المنهج
الممزوج الذي يعتمد على أصول مرجعية فلسفية براغماتية متبنيا مبدأ قائماً على أن
كل البيانات مهمة ما دامت تساعد على بلوغ هدف البحث وبهذا قد تكون الدكتورة
المحاضرة قد قدمت فكرة عامة عن المناهج الثلاثة.. لتمر إلى مرحلة تحليل البيانات
باستخدام تطبيق QDA-Miner Lite باعتبارها
مرحلة أو ورشة أشارت على أنها تهدف إلى إعطاء تقنيات لاستعمال التطبيق لتحليل
البيانات مبينة على خطوات إجرائية قائمة في جميع الحالات على احترام مبدأ الانسجام
بين مشكل البحث حول ظاهرة معينة واعطت مثالاً ك (تفشي ظاهرة الإدمان لدى الشباب)..
ثم بعد ذلك أشارت كذلك إلى مصدر البيانات المعتمدة في التمرين طريق الولوج لمتصفح البحث غوغل واقتراحها لخطوات تحليل البيانات النوعية
المتمثلة في ستة خطوات تمثلت في:
- كتابة أو نقل البيانات
في ملف Word
- إنشاء أول ملف
- إضافة متغير Variable
- إضافة حالة cas
- استخراج النتائج
حيث أعطت بهذا الصدد أمثلة تطبيقية تشرح فيها
طريقة تحليل تلك البيانات.
وفي
الأخير يسدل الستار عن المحاضرة ببعض الأسئلة المتعلقة بالموضوع الخاصة بمتتبعي
البث والتي نعرض بعضاً منها:
إلى أي
حد يمكن القول ان مناهج البحث قد قامت بواجبها العلمي؟
هل
مشاركة كل من البحث الكمي والكيفي في العلوم الاجتماعية يحافظ على خصوصية الظاهرة
خاصةً منها الانسانية ؟
لتختتم
بعد ذلك المحاضرة بكلمة الأستاذة المسيرة شيماء مضلومي بتجديد الشكر للدكتورة
المحاضرة على قبولها الدعوة، وشكرها لأعضاء فريق اللسانيات والإنسانيات ولرئيسه
الأستاذ عبد الرحمن شريفي علوي ولبيت اللسانيات الدولية بتركيا.
تقرير:
عبد الهـادي اباغانـم
تعليق