مستقبل اللغة العربية بين الواقع والآفاق
الدكتور يسلم ولد إميجن لبات
استاذ في جامعة نواكشوط
نواكشوط، موريتانيا
yeslim1010@gmail.com
الكلمات المفتاحية: العربية، محفوظة، خدمتها، الاستفادة، التكنولوجيا.
يقول أهل الاختصاص إن اللغة كائن حي، يصيبها ما يصيب الكائنات الحية من تطور واندثار، ويقدمون أمثلة حية من اللغات الطبيعية مثلما وقع للغة اللاتنية، وغيرها.وما دامت اللغة العربية واحدة من اللغات الطبيعية، فهل اعتراها ما اعترى غيرها؟
وهل تأثرت بدعوات بعض أبنائها المنبهرين بحضارة الغرب بضرورة التخلي عنها بحجة أنها تقادم عليها الزمن، ولم تعد مسايرة لتطور العصر؟
وما مستقبلها في ظل هيمنة اللغات الأجنبية في المناهج الدراسية الرسمية وغياب الوسائل التعليمية في المدارس؟ وما متطلبات تعليم اللغة العربية للناطقين بها وبغيرها؟
إن اللغة العربية هي الوعاء الذي اختاره الله لحفظ كلماته، في قوله تعالى: ((إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)). وحفظ القرآن الكريم يقتضي بالضرورة حفظ وعائه اللغوي. والقرآن محفوظ في الصدور، فهو جزء من حياة المسلم، وانزل للعمل به، والعمل به يتطلب تعلم اللغة العربية.
فاللغة العربية من هذا المنظور تتجدد ينابعها الثرة العذبة مع كل شروق شمس في البيوت، والمساجد، فهي أنيس المصلين، وزاد الدعاة المخلصين، ألفاظها تنساب على لسان ما يزيد على مليار مسلم أو هكذا ينبغي لها، قرانها يتلى سبعة عشر مرة في ام القرٱن وفاتحة الكتاب. فشمس اللغة العربية لا تغرب مادام القران يتلى، وقمرها لا تحجبه غيوم المثبطين، ولا عواصف التائهين، وبحرها لا ساحل له، وحمولتها العلمية والثقافية خالدة، ومميزاتها الاشتقاقية، والإعجازية والأسلوبية باقية، فهي دوحة المجد وعربون الحضارة العربية الإسلامية، لا تقيد بوجود أمة واحدة، بل هي عابرة للحدود والقارات، والامم، يأخذ منها الكل بنصيب في هذا الكون الواسع.
من رمى اللغة العربية بالنقص كان النقص فيه لا فيها، ومن رماها بالشيخوخة شاخ هو، وهي في ريعان شبابها، لم تتنازل اللهجات بما هو حق لها، وهي الشريان النابض الذي يجمع أمة العرب، ومن أهم عوامل وحدتهم، لذا صار لزاما عليهم أن يبذلوا الغالي والنفيس لتسهيل تعليمها وتعلمها، وتوفير الوسائل الضرورية لذلك في المدارس، والمعاهد والجامعات، والاستفادة من الإمكانات الهائلة التقنية و التكنولوجية الحديثة، وغيرها من أجل تعليمها للناطقين بها وبغيرها.
كل ذلك وغيره من أجل مراعاة ما يناسب المتعلمين، ويتماشى مع خصائصهم النفسية والنمائية، والفروق الفردية بينهم.
وباختصار فإن مستقبل اللغة العربية مسؤولية كبرى على الجميع، ونرى أنها فرض عين على كل قطر وكل غيور على هويته، وهوية مجتمعه.
تعليق