بيت اللسانيات بيت اللسانيات

آخر الأخبار[vcover]

جاري التحميل ...

تعليق

مستقبل اللغة العربية في ظل الذكاء الاصطناعي - فاطمة الزبير الكزار


مستقبل اللغة العربية في ظل الذكاء الاصطناعي

فاطمة الزبير الكزار

جامعة محمد الخامس بالرباط – المغرب

   fatimasagitaire@gmail.com

كلمات مفتاحية: مستقبل - اللغة العربية – الذكاء الاصطناعي

 

    تعتبر اللغة من مقومات بناء الأمم وتنميتها والارتقاء بها، وتطور الأمم رهن بمحافظتها على لغتها، وقدرة هذه اللغة على التطور والاستيعاب لكل مستحدث، والعربية إحدى هذه اللغات التي ظهرت منذ القدم، ولا تزال صامدةً في مواجهة تحديات كثيرة، لكونها لغة حية تحمل رسالة سماوية عادت على الإنسانية جمعاء بالنور والهداية، فهي إذن معطى حضاري مهم للأمة العربية والإسلامية، لكونها تمثل تراثا وتاريخا، هوية وبعدا حضاريا. وهي من الثوابت الأساسية للأمة العربية الإسلامية، ورمز هويتها وحضارتها، وأداة إبداعاتها الفنية، ومعلم من معالم النتاج الفكري والأدبي، وعامل حيوي في بناء الهوية الوطنية والتواصل العابر للحدود، من أجل تحقيق كيان الأمة، والسير بها قدمًا إلى مصاف الدول المتقدمة، والوقوف بها على عتبات التاريخ شامخة كالطود الأشم قديما وحديثا. وللحفاظ على هذه المكانة، لا بد من ضرورة تعزيز دورها وتنميتها لمواكبة التحديات الحديثة في عصر العولمة وتكنولوجيا المعلومات خاصة في مجال تطبيقات الذكاء الاصطناعي، لضمان استمراريتها وتأثيرها في العالم.

 

    وتتفرع عن الذكاء الاصطناعي مجالات معرفية متعددة، منها معالجة اللغات الطبيعية  "Natural Language Processing"؛ وهو مجال معرفي يهدف إلى توجيه الآلة إلى فهم اللغة الطبيعية بمختلف مستوياتها، ومعالجة وحداتها من خلال التحليل والتوليد، وخلق بيئة تفاعلية قادرة على تحقيق التواصل بين الإنسان والآلة. وحين نتحدث عن اللغة الطبيعية، فإننا نقصد اللغة المكتوبة والمنطوقة.

    واللغة العربية هي إحدى اللغات الطبيعية التي تحظى بعناية الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي بشكل عام ومعالجة اللغات الطبيعية بشكل خاص. ذلك أنها واحدة من أكثر اللغات تناميا وانتشارًا في عالمنا المعاصر؛ حيث تأتي في المرتبة الرابعة من حيث عدد مستخدميها الذي يقترب من نصف المليار نسمة. ولعل هذا الانتشار والتنامي يُعطينا صورة استشرافية عما يمكن أن تصل إليه العربية في المستقبل القريب.

    ونعتقد أن اللغة العربية قابلة للمعالجة الآلية، وقادرة على الوصول إلى مستويات متقدمة جداً، إذا توفرت لها الموارد والطاقات من جهة، وإذا توفر لها الدعم المناسب من جهة أخرى. وذلك لأن اللغة العربية تحتوي على جوانب قياسية في بنيتها الصوتية وقوانينها الصرفية. وفي الوقت نفسه، العربية لغة معربة، وتتمتع بنظام اشتقافي توليدي ونظام كتابي خاص؛ وهي أمور تمثل إشكالات ليست هينة؛ ولن يكون من السهل معالجة هذه التحديات ما لم تتوفر السبل والأدوات المناسبة لذلك.

     ختاما يمكن القول، إن توظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي في خدمة اللغة العربية يعد مجالا خصبا، وفرصة للباحثين خصوصا أولئك المعنيين بالمعالجة الآلية للغة العربية، لطرق آفاق أكثر سعة ورحابة من التفكير والإبداع، سعيا إلى الوقوف على إشكالات حوسبة العربية والعمل على معالجتها، وتقويم أدواتها وخوارزماتها ومواردها، والانتقال بها إلى مجتمع معرفي قادر على تطوير التقنيات وتحسينها وتطويع الآلة في هذا المجال لتحقيق نهضته وبناء ملامح مستقبله.

فاطمة الزبير الكزار

المغرب، بتاريخ 2023/12/11

عن الكاتب

الناشر

التعليقات


اتصل بنا

من أجل البقاء على تواصل دائم معنا ، قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك موقعنا ليصلك كل جديدً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

بيت اللسانيات