شرف اللغة العربية وفضلها
عبد الله نضال رزوق
طالب في جامعة أنقرة
abdullahrazzuk1994@gmail.com
لم تبلغ لغة من اللغات ما بلغته اللغة العربية من علو البيان وقوة الأركان واستطارة الشهرة وتطاول العهد. الحمد لله الذي جعلها رياض القرآن وآزاهير كلام سيد الأنام محمد صلى الله عليه وسلم ونور العلم ومفاتيح الفَهم صلى الله على النبي العربي أدبه¹ وعلمه وأنزل كلامه وحياً وهدىً وشفاء، وكتب له البقاء،
فشرفت اللغة العربية وضربتْ جذورها عميقاً واعتنى العلماء بها قديماً وحديثاً وبحثوا في معجزاتها فأعجزتهم وأبهرتهم
نهضتْ اللغة العربية وعلماؤها بالقرآن الكريم نهوضاً مباركاً يسر الله أسبابه، وانتشرت في الآفاق من أيام المجد التليد إلى الحاضر العتيد وحتى إلى المستقبل البعيد، حفظها الله بحفظه لكتابه، ووعد بذلك.
ضعف يتبعه ازدهار:
مستها بعض القروح ونزلت بها الحمى وأثقلتها الجروح ولكنها ما تفتىء وتعود من جديد تسعةَ عشرَ قرناً على أقل تقدير حافظت خلالها على حروفها وأصواتها وتفوقت بذلك على أقرانها
لقد رمتها الليالي في فرائدها..... وكاد بنيانها ينهار من صبب
وعاشت العجمة الحمقاء ثائرة..... على ابنة البيد في جيش من الرهب
يقود كل ولاغ أخى إحنٍ...... مضمخ بدماء العرب مختضب
كأن عدنان لم تملأ بدائعه...... مسامع الكون من ناء ومقترب²
جذور في أعماق التاريخ:
تصدرت على مدار عشرة قرون فكانت لغة الحضارة والعلم والثقافة فكان لها التأثير على لغات الدنيا شرقها وغربها
ولكن على الرغم من ذلك كله لا تزال اللغة اليوم تواجه مخاطر جمة تكاد تعصف بها لا سيما بعد ظهور الثورة الصناعية والاكتشافات العلمية والاختراعات في زمن قصير متتابع تبعه احتلال الغرب لدول العرب ومن جاورهم حيثُ كانت اللغةُ من أهمِ أهداف المستعمر الغاشم، "لو استطاع أن يعزل الشعب عن لغته لانقطع عن ماضيه ونسبه وبقي تاريخه صورة لا يعِرفُ راسمها".
فكان تأثير ذلك سلباً على لغتنا العظيمة.
وما أن أصبحت لغة العلم والأبحاث والمؤتمرات اللغة الإنجليزية ثم أتاحت العديد من المزايا لمتحدثيها خاصة على الصعيد الاقتصادي ووافق ذلك ضعفاً في المؤسسات العربية حتى دخلت اللغة العربية بمرحلة من الجمود الجزئي ولكن كالمعتاد يتصدر أبناؤها البارون للدفاع عنها تساعدهم اللغة ذاتها بذلك، إذ من أهم خصائصها الاشتقاق والترادف.
فضل اللغة العربية على العلوم الدنيوية:
ليستْ حقيقة هذه الأمة الظاهر منها الآن من شعبٍ مُجتَمِع وفرد مُنفرد وقوانين مُسَنة أكهلت الأمة وأوضاع مزرية وأطراف مترامية وجهل بالحال الأول وازدراء اللغة العظيمة ومحاولة اتباع الأمم الهجينة والناشئة، ولكن الحقيقة ذلك الإرث التاريخي العظيم الذي خلفه أجدادنا متمثلاً بكافة جوانب الحياة خاصةً الجانب اللغوي فمنه انطلق المسلمون الأوائل بعد أن فهموا تعاليم دينهم ومنه وضعتْ العلوم بعد الفتح الإسلامي العظيم فكُتِبتْ العلوم ودونت المبادئ ونُميت الأفكار وطُورت الصناعات وحُفِظ التاريخ ووضعتْ للعالم أسس الحضارة والتقدم، إنها اللغة العربية كانت ومازالت نبراساً نيراً على مر التاريخ والعصور، تتألق جمالاً وتميزاً بين اللغات، إنها العظيمة في مبانيها المتفردة بعباراتها واشتقاقاتها، المحكمة ببيانها، الساحرة بتعبيرها والمنسابة بجمال ألفاظها، وسعتْ العلوم كافة.
صحوة يتبعها تمكين:
ولا شك أن الصحوة قادمة والنهضة واقعة أراها مثل شرر عس بادىء أمره وما يلبس أن يضرم ناراً حامية.
إن أحداثَ الحروب واللجوء مؤخراً كسرت أوهام السياسة وأزالت بريق الغرب وجعلت الجاليات العربية تبحث عن أسباب للمحافظة على اللغة العربية في بلاد المهجر باعتبارها اللغة الأم لها ولغة الدين الإسلامي الحنيف
يرافق ذلك رغبة المجتمع الغربي بالبحث عن الإسلام وقد تعلم العديد من أبنائه اللغة العربية لاكتشاف الحقائق والتحقق من المزاج العقلي لدول الشرق الأوسط لا أقول إننا نعيش نهضة كالتي مضت في القرن الماضي ولكنني على ثقة أنها قادمة
إضافة إلى ذلك الموقع الجغرافي الهام لدول الوطن العربي وتأثيرها المباشر على التجارة العالمية والاقتصاد إذ أنها جزء هام من التجارة العالمية.
أهمية الأدب في اللغة وموقعه:
إن الأدب أحد الركائز الأساسية التي ترتكز عليها الأمم في نشأتها وبابها إلى الخلود وما من أمة إلا وهي عدة عقول وأخلاق وعزائم وآداب وفنون ترتبط ارتباطاً وثيقاً مشكِلة نسيجاً يشد بعضه بعضاً.
ولغتنا ولله الحمد مليئة بعلوم اللغة وآدابها لها طابعها الخاص عبَّرتْ من خلاله عن عواطف الإنسان وأفكاره بأرقى الأساليب وأعذب العبارات وأدق الأوصاف وقدمت نماذج أدبية كانت محط أنظار علماء اللغات عرباً وعجماً وانكبوا على دراستها مجلساً مجلسا وحرفاً حرفا ونقلوها إلى لغاتهم في محاولة منهم لإدراك كيمياء اللغة وروحها وحسها
هذه الأحاسيس والمشاعر والأوصاف تداخلت بآداب اللغات الأخرى ولم تعد اللغة العربية جزءاً من تاريخ العرب والمسلمين فحسب بل جزءاً من اللغات كافة بما تعنيه الكلمة من معنى على ظهر المعموة.
مستقبل مشرق:
وقابل الأيام سيكشف بإذن الله عن مستقبل جميل مشرق للغة العربية مرة أخرى تزهو فيه من جديد وتعلو بخصائصها ومقوماتها
1. أدبني ربي فأحْسن تأديبي ” جاء بعدة روايات ذَكَرَها العسكري في كتابه ” الأمثال “، والسَّرَقُسْطِيُّ في كتابه ” الدلائل “، والسيوطي في كتابه ” الجامع الصغير“، وابن السمعاني في ” أدب الإملاء “، وأبو نُعَيم الأصفهاني في تاريخ أصبهان.
2. من ديوان علي الجارم
جمال اللغة العربية بأن الله اختارها لغة القرآن الكريم
ردحذف