بيت اللسانيات بيت اللسانيات

آخر الأخبار[vcover]

جاري التحميل ...

تعليق

آَرَاءُ العُلَمَاءِ العَرَبِ وَالغَرْبِيين فِي اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ

آَرَاءُ العُلَمَاءِ العَرَبِ وَالغَرْبِيين فِي اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ





دكتور/ محمَّد رزق شعير([1])

mrsheer2000@gmail.com 

·       كلمات مفتاحية:

اللُّغة، العرب، الغرب، الحضارة، الفكر، الدِّين

·       أوَّلاً: اصطفاء الله للُّغة العربيَّة

             إنَّ الله-عزَّ وجلَّ- اصطفى اللُّغة العربيَّة لتكون لغة القرآن والحديث، بل لغة الحضارة والفكر، وهذا الاصطفاء لم يكن إلَّا لأنَّها امتازت بما يؤهلِّها لتكون لغة كتاب الله الأخير ولغة نبيه خاتم الأنبياء والمرسلين. ولقد اهتمَّ القرآن الكريم باللُّغة الَّتي نزل بها؛ حيث ذكرها في العديد من آياته؛ منها:

-       قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾(يوسف: 2).

-       وقال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا﴾(الرَّعد: 37).

-       وقال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا﴾(طه: 113).

-       وقال تعالى: ﴿ وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ... بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ (الشُّعراء: 192-195).

-       وقال تعالى: ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ﴾(الزُّمر: 28).

-       وقال تعالى: ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾(الزُّخرف: 3).

-       وقال تعالى: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ﴾(الأحقاف: 12).

-       وقال تعالى: ﴿ وَكَذٰلِكَ اَوْحَيْنَٓا اِلَيْكَ قُرْاٰنًا عَرَبِيًّا﴾(الشُّورى: 7).

-       وقال تعالى: ﴿ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾(فصِّلت: 3).

                للُّغة العربيَّة أهميَّة قصوى لدى أتباع الدّيانة الإسلاميَّة؛ فهي لغة مصدري التَّشريع الأساسيين في الإسلام: القرآن، والأحاديث النَّبويَّة المرويَّة عن النَّبي محمَّد، ولا تتمُّ الصَّلاة في الإسلام (وعبادات أخرى) إلَّا بإتقان بعض من كلمات هذه اللُّغة، كما أنَّ العربيَّة– أيضًا- لغة طقسيَّة رئيسة لدى عدد من الكنائس المسيحيَّة في العالم العربي، كما كتبت بها الكثير من أهمِّ الأعمال الدِّينيَّة والفكريَّة اليهوديَّة في العصور الوسطى، وإثر انتشار الإسلام وتأسيسه دولاً ارتفعت مكانة اللُّغة العربيَّة.

                إنَّ للقرآن الكريم فضلاً عظيمًا على اللُّغة العربيَّة؛ فبسببه أصبحت هذه اللُّغة الفرع الوحيد من اللُّغات السَّاميَّة الَّذي حافظ على توهّجه وعالميته، في حين اندثرت معظم اللُّغات السَّاميَّة، وما بقي منها غدا لغاتٍ محليَّة ذات نطاق ضيق مثل: العبريَّة، والحبشيَّة.

                ومن المعلوم أنَّ اللُّغة العربيَّة يتحدَّث بها أكثر من خمسمائة مليون عربي- في اثنتين وعشرين دولةً موزَّعة بين قارتي آسيا وأفريقيا- ويؤدِّي العبادات بها أكثر من مليار مسلم في العالم.  وقد كانت اللُّغة العربيَّة لغة العلم حتَّى في أوروبا حتَّى القرن 17 الميلادي، فقد كانت لغة الفكر والعلم والأدب لقرون طويلة في الأراضي الَّتي حكمها المسلمون. وأثَّرت العربيَّة تأثيرًا مباشرًا أو غير مباشر على كثير من اللُّغات الأخرى في العالم الإسلاميِّ؛ كالتُّركيَّة والفارسيَّة والأرديَّة مثلاً؛ حيث إنَّ الكلمات العربيَّة في اللُّغات الإسلامية: الفارسيَّة والتُّركيَّة والأورديَّة والمالاويَّة والسِّنغاليَّة والماليزيَّة والإندونيسيَّة كثيرة جدًّا. والكلمات العربيَّة في الإسبانيَّة والبرتغاليَّة ثمَّ في الألمانيَّة والإيطاليَّة والإنكليزيَّة والفرنسيَّة والهنديَّة ليست قليلة أيضَا.والآن اعتمدت اللُّغة العربيَّة كإحدى لغات منظَّمة الأمم المتَّحدة الرَّسميَّة السّتِّ.

·       ثانيًا: آراء العلماء العرب في اللُّغة العربيَّة

- يقول أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (255هـ): "ولا بدَّ من ذكر الدَّليل على أنَّ العرب أنطق، وأن لغتها أوسع، وأنَّ لفظها أدلُّ، وأن أقسام تأليف كلامها أكثر ، والأمثال الَّتي ضربت فيها أجود وأسير"([2]). ويقول في موضع آخر: "والبديع مقصور على العرب ومن أجله فاقت لغتهم كل لغة "([3]) .

- ويقول أبو محمَّد عبد الله بن مسلم بن قتيبة (ت: 276 هـ ) :" وإنَّما يعرف فضل القرآن من كثر نظره واتَّسع علمه وفهم مذاهب العرب وافتتانها في الأساليب، وما خصَّ الله به لغتها دون جميع اللُّغات . فإنَّه ليس في جميع الأمم أمَّة أوتيت من العارضة، والبيان، واتِّساع المجال ما أوتيه العرب خصيصى من الله لما أرهصه في الرَّسول صلى الله عليه وسلم وأراده من إقامة الدَّليل على نبوته بالكتاب" ([4]).

- يقول أبو الفتح عثمان بن جنِّي (ت: 392 هـ ):" واعلم فيما بعد أنَّني على تقادم الوقت دائم التَّنقير والبحث عن هذا الموضع ـ يعني قضية أنَّ اللُّغة إلهام أو اصطلاح ـ  فأجد الدَّواعي والخوالج قويَّة التَّجاذب لي مختلفة جهات التَّغوّل على فكري، وذلك أنَّني إذا تأمَّلت حال هذه اللُّغة الشَّريفة الكريمة اللَّطيفة وجدت فيها من الحكمة والدِّقَّة والإرهاف والرِّقَّة ما يملك على جانب الفكر حتَّى يكاد يطمح به أمام غلوة السِّحر "([5]) .

- يقول ابن فارس (ت: 395 هـ )- في فضل العربيَّة في كتابه: (الصَّاحبي في فقه اللُّغة العربيَّة وسنن العرب في كلامها)- كلامًا مستفيضًا يتَّجه فيه إلى تفضيل العربيَّة على غيرها لنزول القرآن بها. ويقرِّر أنّ العربيَّة توقيفٌ من عند ربِّ العالمين، وأنَّها لغةً مصونةً مرعيَّةً برعاية الله، وهي أعلى لغةٍ؛ لنزول أعلى كتابٍ بها، وأعظم دين، كما عقد بابًا لبيان أنّ (لغة العرب أفضل اللُّغات وأوسعها)، صدّره بقوله تعالى: ﴿وإنّه لتنزيلُ ربِّ العالمين نزل به الرُّوحُ الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسانٍ عربيّ مبين﴾ [ الشُّعراء 192 - 195 ] فوصفه- جلّ ثناؤه- بأبلغ ما يوصَفُ به الكلام، وهو البيان " ([6]).

- يقول عبد الوهاب عزَّام: "العربيَّة لغة كاملة محبَّبة عجيبة، تكاد تصوِّر ألفاظها مشاهد الطَّبيعة، وتمثِّل كلماتها خطرات النُّفوس، وتكاد تتجلَّى معانيها في أجراس الألفاظ، كأنَّما كلماتها خطوات الضَّمير ونبضات القلوب ونبرات الحياة".

- ويقول مصطفى صادق الرَّافعيّ : "إنَّما القرآن جنسيَّة لغويَّة تجمع أطراف النِّسبة إلى العربيَّة، فلا يزال أهله مستعربين به، متميِّزين بهذه الجنسية حقيقةً أو حكمًا".

- یقول عبد الرَّزَّاق السَّعديُّ- أحد أعلام اللُّغة والأدب-: "العربیَّة لغة كاملة معجبة تكاد تصوّر ألفاظها مشاهد الطَّبیعة، وتمثَّل كلماتها خطـوات النُّـفوس، وتكاد تنجلي معــانیها في أجـراس الألفاظ، كأنَّمــا كلماتها خطوات الضَّمیر، ونبضات القلوب، و نبرات الحیاة".

·       ثالثًا: آراء العلماء الغربيين في اللُّغة العربيَّة

-      قال روجر بيكون: "مَنْ أراد أن يتعلَّم فليتعلَّم العربيَّة لأنَّها هي لغة العلم".

-       قال المستشرق المجري جرمانوس: "إنّ في الإسلام سندًا مهمًّا للغة العربيَّة أبقى على روعتها وخلودها فلم تنل منها الأجيال المتعاقبة على نقيض ما حدث للغات القديمة المماثلة كاللَّاتينيَّة حيث انزوت تمامًا بين جدران المعابد. ولقد كان للإسلامِ قوَّةُ تحويلٍ جارفةٍ أثَّرت في الشُّعوب الَّتي اعتنقته حديثًا, وكان لأسلوب القرآن الكريم أثر عميق في خيال هذه الشُّعوب فاقتبست آلافًا من الكلمات العربيَّة ازدانت بها لغاتها الأصليَّة فازدادت قوةً ونماءً. والعنصر الثَّاني الَّذي أبقى على اللُّغة العربيَّة هو مرونتها الَّتي لا تُبارى, فالألمانيُّ المعاصر مثلاً لا يستطيع أن يفهم كلمةً واحدةً من اللَّهجة الَّتي كان يتحدَّث بها أجداده منذ ألف سنة, بينما العرب المحدثون يستطيعون فهم آداب لغتهم الَّتي كتبت في الجاهليَّة قبل الإسلام".

-       وقال المستشرق الألمانيُّ يوهان فك: "إنَّ العربيَّة الفصحى لتدين حتَّى يومنا هذا بمركزها العالميِّ أساسيًّا لهذه الحقيقة الثَّابتة، وهي أنَّها قد قامت في جميع البلدان العربيَّة والإسلاميَّة رمزًا لغويًّا لوحدة عالم الإسلام في الثَّقافة والمدنيَّة, لقد برهن جبروت التُّراث العربيّ الخالد على أنَّه أقوى من كلِّ محاولة يقصد بها زحزحة العربيَّة الفصحى عن مقامها المسيطر, وإذا صدقت البوادر ولم تخطئ الدَّلائل فستحتفظ العربيَّة بهذا المقام العتيد من حيث هي لغة المدنيَّة الإسلاميَّة".

-       وقال جوستاف جرونيباوم: "عندما أوحى الله رسالته إلى رسوله محمَّد أنزلها ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾، والله يقول لنبيّه ﴿فإنَّما يسرناه بلسانك لتبشِّر به المتَّقين وتنذر به قومًا لدًّا﴾.

-       ويقول أرنست ربنان- فى كتابه (تاريخ اللُّغات السَّاميَّة)-: "من أغرب ما وقع فى تاريخ البشريَّة وصعب حلِّ سرِّه انتشارُ اللُّغة العربيَّة، فقد فبدأت فى غاية الكمال، فليس لها طفولةٌ ولا شيخوخةٌ ظهرت لأوَّل مرَّة تامَّة مستحكمة، ولم يمض على فتح الأندلس أكثر من خمسين سنة حتَّى اضطر رجال الكنيسة أن يترجموا صلواتهم بالعربيَّة ليفهمها النَّصارى، ومن أغرب المدهشات أن تنبت تلك اللُّغة القوميَّة، وتصل إلى درجة الكمال وسط الصَّحارى عند أمَّة من الرُّحَّل، تلك اللُّغة الَّتي فاقت أخواتها بكثرة مفرداتها، ورقَّة معاييرها، وحسن نظام مبانيها ".

-       ويقول المستشرق الأمريكيُّ وليم ورل- مدير المباحث الشَّرقيَّة بالقدس-: "إنَّ اللُّغة العربيَّة لم تتقهقهر فيما مضى أمام أي لغة أخرى من اللُّغات الَّتي احتكَّت بها وينتظر أن تحافظ على كيانها فى المستقبل كما حافظت عليه فى الماضى وللُّغة العربيَّة لين ومرونة يمكنانها من التَّكيُّف لمقتضيات هذا العصر".

-       ويقول شبلنجر- فى كتابه الشَّهير (إنهيار الغرب)-: "لقد لعبت العربيَّة دورًا أساسيًّا كوسيلة لنشر المعارف، وآلية التَّفكير".

-       ويقول ريتشارد كوتهبل: "وقد كان للعربيَّة ماضٍ مجيد, وسيكون لها مستقبل باهر".

-      ويقول الألمانيُّ فريتاغ: "اللُّغة العربيَّة أغنى لغات العالم".

-      ويقول وليم ورك: "إنَّ للعربيَّة لينًا ومرونةً يمكنانها من التَّكيُّف وفقًا لمقتضيات العصر".

-       ويقول المستشرق الألمانيُّ نولدكه:  "إنَّه لا بدَّ أن يزداد تعجُّب المرء من وفرة مفردات اللُّغة العربيَّة، عندما يعرف أنَّ علاقات المعيشة لدى العرب بسيطة جدًّا، ولكنَّهم في داخل هذه الدَّائرة يرمزون للفرق الدَّقيق في المعنى بكلمة خاصَّة. والعربيَّة الكلاسكيَّة ليست غنيَّة فقط بالمفردات ولكنَّها غنيَّة أيضًا بالصِّيغ النَّحويَّة "([7]).

 



 (1) أستاذ مساعد في كلِّيَّة الإلهيَّات، جامعة هيتيت، تركيا.  البريد الإلكتروني:             mrsheer2000@gmail.com 

 (2)يُنظر: الجاحظ، البيان والتبيين، 1: 384.

 (3) المصدر السابق، 4: 55 .

 (4) تأويل مشكل القرآن ( ت: السَّيِّد أحمد صقر) 12 .

 (5) الخصائص ( ت: النَّجَّار) 1/47 .

 (6) الصَّاحبي  ( ت: السَّيِّد أحمد صقر)،  16.

 (15) يُنْظَرُ: اللُّغة العربيَّة، لنذير حمدان، ص 133.

عن الكاتب

الناشر

التعليقات


اتصل بنا

من أجل البقاء على تواصل دائم معنا ، قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك موقعنا ليصلك كل جديدً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

بيت اللسانيات