«الحدس اللساني : تجلياته في التراث العربي »
الدكتور سعد سرحت
تقرير :أ. أحمد بكاي
نظم فريق تعليم اللغة العربية التابع لأكاديمية بيت اللسانيات الدولية برئاسة الأستاذ سامي الطويرقي محاضرة حول الحدس اللساني : تجلياته في التراث العربي يوم الأربعاء 17 ماي 2023، الموافق لـ : 27شوال 1444ه على الساعة السابعة مساء بتوقيت السعودية وبغداد والخامسة بتوقيت الجزائر، وبعد تقديم الأستاذة الدكتورة أمل للأستاذ، رحّبت به ومهّدت للموضوع، ثمّ شكر الأستاذ فريق تعليم اللغة العربية من رئيس وأعضاء بدأ الأستاذ في محاضرته القيمة.. التي يمكن تلخيصها فيما يلي: الحدس اللساني تجلّياته في التراث العربي
الحدس اللساني قلّ من أشار إليه أو حاول البحث عن تجلياته في التراث اللغوي لدى أسلافنا بصورة مفصّلة،على الرغم من حضوره في سياسات جمع اللغة وتدوينها و تبويبها عند أسلافنا اللغويين.
البحث في هذا الموضوع شيّق،فقد يزيد من وعي المختصّ باللغة في سياق الحياة وباللغة في سياق البحث.
الحدس اللغوي لدى أهل اللغة هو مجسّ للحكم على صحة المقول وعدم صحّته، واللغويون عدّوه أحد مرجعياتهم،فليس بجديد احتكام النحاة واللغويبن إلى عرض مادتهم اللغوية و ملحوظاتهم على الفصحاء والبلغاء،فمن ذلك أنّ الاحتكام إلى الأعراب كانَ إحدى السياسات التي تبناها العلماء لتقرير الحكم على صحة ملفوظ ما أو جملة ما،خذ مثلًا لجوؤهم في مسألة(ليس الطيبُ إلّا المسكُ) إلى الأعراب لبيان الحكم فيها،فهذا المثال وغيره الكثير يدلّ دلالة أكيدة على أنّ الأعراب كانوا مجسًّا يعتمده أهل الصناعة في تكوين أحكامهم.
إنّ المعتمد في جمع المادة اللغوية_لدى كلّ المدارس النحوية و اللسانية-هو أحد هذين الشيئين:
أولًا: المدونة:التي تعني ما يلتقط الباحث على لسان أهل اللغة ويقوم بحفظه سواء في الصدر أم القراطيس أم عن طريق آلة تسجيل(كما يبدو ذلك واضحًا لدى الشكلانيين والبنيويين)
ثانيًا:اللجوء إلى حدود أهل اللغة،وذلك بعرض الملتقطات اللغوية على اسماعهم ليبينوا مدى صحتها(كما يبدو ذلك لدى التوليديين الذين انتقلوا من الاعتماد على المدونات إلى أحكام أهل اللغة).
غير أنّ اللغويين في أحايين يلجأون إلى حدوسهم هم بدلًا من أهل الثقافة،على الرغم من أنّ الحدس لدى الباحث غير الحدس لدى المتكلم،وهنا تظهر ذاتية الباحث و أحكامه الخاصة التي قد تفضي الى جعل المثال الذي يحمله في ذهنه عن اللغة أحقّ وأصدق من اللغة في واقعها الحيّ ،فمن ذلك موقف النحاة من القراءات القرآنية والقرّاء،فقد كان موقفا غير محمود،وهو موقف عالد إلى تجاهلهم أحكام أهل الثقافة لتأكيد صحة القراءة لغويًّا،فقد كان من شأن الاحتكام إليهم أنْ يغيّر أو يلطّف من مواقف النحاة غير الموضوعية من القراءات وأحكامهم القاسية تجاه القراء....
تعليق