رشيدة عبد الرحمان مجلي
اِستهلَّ الدُّكتور محاضرتَه بالشُّكرِ والتَّقدير لِلجهةِ والفريق المنظِّم للحلقة العلميَّة ، ثم بالتَّنويه بأهميَّة تدريس اللُّغة العربيَّة، كونها منْ أساساتِ توحيد العالَمِ العربيِّ، وبِمَنْزِلَةِ العنصر الأساسِ في تكوين شخصيَّة ورقيِّ الأمَّةِ وتطوُّرِها. وأكَّد أهميَّةَ دورِ اللُّغة العربيَّة في تكوين المعلِّم والطَّالب معا، بغية مواكبة التَّحدِّيَّات الرَّاهنة، والتَّطوُّرات التِّقَنيَّة الَّتي عرفتها السَّاحاتُ العلميَّة المختلفةُ، وهو الأمرُ الَّذي اِستدعى تكثيفَ الجهودِ لِلرَّفع من مستوى التَّعليمِ والمعلِّم، والسَّعيَ إلى تجديد وتحديث طرائق وأساليب التَّعليم والتَّعلُّم نحو: الحوار والنِّقاش، والنَّقد والتَّحليل، والرَّبط والاِستنتاج، والبحث في مصادرِ المعلوماتِ المختلفةِ، دون التَّأثيرِ سلبا على اللُّغة واللِّسانِ العربيِّ المُبِينِ. ونبَّه الأستاذُ المحاضرُ بِضَرُورَةِ الأخذِ بعينِ الاِعتبارِ، طُغيانَ اللُّغاتِ الأجنبيَّةِ على حساب اللُّغةِ العربيَّة، كلغةِ لِلتَّدريسِ في البلادِ العربيَّةِ، كما هو الحالُ في بلادِ الشَّام والعراقِ، وفي البلادِ المغاربيَّةِ، وهو الأمر الَّذي يتطلَّب اِتِّخاذَ إجراءاتٍ ووسائلَ تحفظ اللِّسانَ العربيَّ خاصَّةً في عمليَّة التَّعليم والتَّعلمِ العربيَيْنِ.
وقدِ اِعتمدَ الدُّكتورُ المحاضرُ في دراسةِ موضوعِ المحاضرةِ وتحليلِهَا، على طرح أهميَّةِ دراسةٍ ميدانيَّةٍ وإحصائيَّةٍ، وأهدافِهَا، ونتائجِهَا؛ لخصَّت جملةً من تداعياتِ وأسبابِ، ومعوقات، وتحدِّيَّاتِ التَّعليمِ والتَّعلُّم باللِّسانِ العربيِّ المُبِينِ، أجملها في محاورَ سبعةٍ، وفصَّلها كاالتَّالِيْ:
محور معيقاتِ الطَّالبِ: من حيث شخصيَّتُه، وكلّ ما يتعلَّق بالطّالب، منها تحدِّيَّات يرى الأستاذ المحاضر فعلها السّلبيَّ على الطَّالب، منها:
اِكتظاظ الصُّفوف أثناء عمليَّة التَّدريس في مختلِف مستويات التَّعليم في البلاد العربيَّةِ، وهو الأمرُ الَّذي يُعيق مشاركةَ الطَّالب، وتواصلَه مَعَ الأستاذِ في فهم المادَّة المدروسةِ.
التَّركيز على مردوديَّة التَّعليم من حيث العلاماتُ، وليس من حيث التَّثقيفُ، وتَثْبِيتُ المعلوماتِ، واكتسابُ الملكةِ باللِّسانِ العربيِّ المُبِينِ.
ضعفُ الرُّؤيةِ بالأهدافِ التَّعليميَّة منَ اللُّغةِ العربيَّة.
ضعفُ المستوى العامِّ لِلطَّلبةِ.
محور معيقات المعلِّمِ: من حيث شخصيَّتُه، وَتدريبُه، وَتوجُّهُه، وَاِهتمامُه بِاللُّغةِ العربيَّة، فإنَّ من أهمِّ التَّحدِّيَّاتِ –حَسَبَ الأستاذِ المُحاضرِ- تَكمُن في:
الاِلتزامِ بإتمامِ المنهاجِ المُقرَّرِ في وقتِه المُحدَّدِ، (مما يسلب المواد سلبا سلبيا) لمْ أعِيْ المُؤَدَّى مِنْ هَذِهِ العِبَارَةِ!، وهو الأمرُ الَّذي يؤثِّر فِيْ جودةِ عطاءِ المُعلِّمِ، وما ينعكس عن ذلك من تأثير سلبيٍّ فِيْ الطَّالبِ نفسِه.
أثرِ التَّعليمِ والتَّكوينِ الكلاسيكيِّ فِيْ المُعلِّمِ، موازاةً مع تحدِّيَّاتِ المناهجِ والطَّرائِقِ الحديثةِ في التَّعليمِ والتَّعلُّمِ.
أَنْشِطَةِ المُدرِّسِ المُصاحبةِ لعمليَّة التَّدريسِ، نَحْو: تحضيرُ الحِصصِ، وَالمُناوبةُ، وَالمُشاركةُ في الأنشطةِ، والبرامجِ التَّربويَّةِ، والتَّثقيفيَّةِ، والتَّكوينيَّةِ...
اِختلافِ وضعفِ التَّنسيقِ بينَ مُدرِّسيّ الصُّفوفِ العُليا بالأخصِّ، في مباحثِ اللُّغةِ العربيَّة في المؤسَّسةِ التَّعليميَّةِ ذَاتِهَا.
محورُ الكتابِ المقرَّرِ، والمنهاجِ المطلوبِ: بيَّن الأستاذُ المُحاضرُ في هذا المحورِ، بعضَ التَّحدِّيَّاتِ والَّتي لها اِرتباطٌ أكيدٌ بتكثيف منهاج التدريسِ أو المُقرَّرِ، وتقسيمِه إلى أربعةِ مراحلَ، تُلزِم المُدرِّسَ بتفعيلِ كلِّ مرحلةٍ منْ مراحلِها في وقتِها المُحدَّدِ، مَا يُشكِّل تحدِّيًّا كبيرا أمامَ عمليَّةِ التَّدريسِ والتَّعلُّمِ.
محورُ المعوِّقاتِ المتعلِّقةِ بأساليبِ التَّدريسِ وطَرائِقِهَا: وتحديدا ما عرفته من تطوُّرٍ خاصَّةً بعد وَبَاءِ كورونا، فكان التَّعليمُ عن بعدٍ عبرَ مُختَلِف المِنصَّاتِ ( الزُّووم، والتيم، والحصص المُصوَّرَة، واليوتيوب، والتِّلْفُاز التَّعليميّ، واللَّوح التَّفاعليّ، ومجموعات الواتساب، والتّلغرام...) ونحو ذلك من الوسائلِ الحديثة الَّتي شكَّلت وتُشكِّل تحدِّيًّا حقيقيًّا أمامَ المدرِّس والطَّالبِ، وأمامَ المنظومةِ التَّعليميَّة بشكلٍ عامٍّ، فكانَ لزاما على الأطرِ التَّعليميَّة؛ التَّدريب والتَّأهيل، وبذل الجهد والوقت لِلتَّمكُّن منَ التَّحصيل المنشود في تدريس اللُّغة ومباحثِها، ومناهجِها، وتشكيل الاِستراتيجيَّاتِ الضَّروريَّةِ. وقد أكَّد الأستاذُ المُحاضرُ أيضا التَّحدِّيَّاتِ المعيقةَ لِتدريسِ ذوي الاِحتياجاتِ الخاصَّةِ أو ذوي الإعاقةِ البصريَّة أوِ السَّمعيَّة أوِ الحركيَّة أوِ النُّطقيَّة، وهو الأمرُ الَّذي يَستدعي تكثيفَ الجهودِ لِتجاوزِ كلِّ ذلك.
محورُ الإدارةِ، والإشرافُ التَّربويُّ: ودورها في التَّفعيل والتَّحفيز لِلاهتمامِ باللُّغة العربيَّةِ، بيد أنَّ بعضَ المعوِّقات تقف أمام ذلك؛ مِثْل إشكالِ تقييم أداءِ المعلِّم من قِبَلِ المُشرفِ التَّربويِّ، والقائم على نُدرة الزِّياراتِ في الفصل، وهو الأمر الَّذي يؤثِّر سلبا فِيْ درجات التَّقييم، ويُرْجِعُ الأستاذُ المحاضرُ ذلك إلى عدم توافرِ الوقت الكافي لِتأهيل المُدرِّس وتدريبِه على طرائِقِ التَّدريسِ، وإلى عدمِ التَّنسيق والاستعدادِ الجيِّد لِلزِّيارةِ، وهو الأمر الَّذي يحدّ من مردوديَّة المُدرِّسِ.
محورُ المجتمعِ المحليِّ وتأثيره فِيْ تدريسِ اللُّغةِ العربيَّةِ، وفِيْ التَّعليمِ بشكل عامٍّ.
يرى الأستاذ المحاضر أنَّه لا يُمكن فصلُ المدرسة أو عمليَّة التَّدريس عنِ المحيطِ الموجودةِ فيه، ولا بُدَّ منَ الأخذ بعين الاِعتبارِ دور الأولياءِ في متابعتهم لِواجباتِ المتعلِّم وتوجيههم، وتمكينهم مِنِ اِستعمال الوسائلِ التَّعليميَّة الحديثةِ، ويرى أنَّ منْ بينِ العوائقِ أيضا؛ تدنِّي مستوى بعضِ الأولياءِ في المناهجِ التَّعليميَّة، ومنْ ثمَّ عدم مواكبتِهم لكلِّ جديد في تلك المناهجِ، وكذا تحدِّي وجودِ ترابطٍ وزيارات للمؤسَّساتِ التَّعليميَّة، والاستفسار عن وضع الطَّالب، وبحث مكامن ونقاط الضَّعف والقوَّة لدى الطَّالب في عمليَّة تعلُّم اللُّغة العربيَّة ومباحثها. واِعتبرَ الأستاذ المحاضر كذلك الاِهتمامَ الجليَّ لِلأولياءِ للتَّفوُّق للموادِّ العلميَّة والتَّركيز عليها على حساب مباحثِ اللُّغة العربيَّة، وتركيزهم على الاِهتمامِ بالموادِّ التَّعليميَّة المؤهِّلة لِلمناصبِ المرتفعة الأجرِ، واِعتبر ذلك كلَّه، بِمَنْزِلَةِ عقباتٍ أمام النُّهوض بِاللُّغة العربيَّة وتدريسِها، آمِلا في تجاوزِها، ومحاولةِ تذليلِها.
وختمَ الأستاذُ المحاضرُ موضوعَه ببعضِ الاِقتراحاتِ الَّتي يرى منْ خلالِ تفعيلِها منْ قِبَلِ المتخصِّصين والدَّارسين، والباحثينَ، وعلماءِ اللُّغة العربيَّةِ كلّ في مجالِ اِخْتِصَاصِهِ، إمكان وضع بدائلَ، وحلولٍ أكثر عمقا للعوائق الواردة، وَمن بينها:
توجيه الطَّلبة والباحثينَ في الدِّراسات العليا إلى البحث في تفاصيلِ معيقات تدريسِ اللُّغة العربيَّة للخروج بحلولٍ محوريةٍ.
وضع دراساتٍ حول تحدِّيَّات تدريسِ اللُّغة العربيَّة بين مُختلفِ الدّول العربيَّة، الغاية منها تحديد النِّقاطِ المشترَكةِ من تلك التَّحدِّيَّات من بلدٍ إلى آخرَ، في محاولةٍ لطرح بدائلَ، ولِلرَّفع منَ المستوى التَّعليميِّ، ومنْ مردوديَّة تدريسِ اللُّغةِ.
مَنح مِنَحٍ دراسيَّة لِطلبةِ دراسات اللُّغة العربيَّةِ المتفوِّقين في مستوى البكالوريا، على غرارِ المنح الَّتي تُمنح لِدارسيّ الموادِّ العلميَّةِ، واللُّغات الأجنبيَّةِ، كنوع من التَّحفيز والدّافعيَّةِ لِدراسة اللُّغة العربيَّةِ ومباحثها.
إعادة النَّظر في مناهجِ اللُّغة العربيَّة وفي مباحثِها تحت إشرافِ متخصِّصين، وباحثينَ.
ضرورة التَّحفيزِ على دراسةِ اللُّغةِ العربيَّة من خلالِ مراكزِ البُحُوثِ، ووسائلِ الإعلامِ.
العمل على تقليل نِصاب المُعلِّم مِنْ حِصص التَّدريس لِضمانِ عطاءٍ جيِّد، وفتح مجال للبحث والقراءة، والتَّكوين المعرفيِّ لديه.
الاِهتمام بعقد لقاءاتٍ مع أولياءِ الأمورِ، وتحفيز الزِّياراتِ لِلمدارسِ، وذلك لأهمِّيَّة المجتمعِ المحليِّ في دراسةِ اللُّغة العربيَّةِ وتدريسِها.
توظيف التِّكنولوجيا في طرائِقِ التَّدريسِ، وفي توظيفِ اللُّغة العربيَّةِ.
مراجعة وتدقيق:
الدُّكتور/عليّ.كَشْرُودْ - الجزائر
الدكتورة بثينة بلك - المغرب
تعليق