بيت اللسانيات بيت اللسانيات

آخر الأخبار[cards]

جاري التحميل ...

قراءة في كتاب تاريخ الفلسفة اليونانية | لبنى بن أجليدو






قراءة في كتاب تاريخ الفلسفة اليونانية

تسجيل اللقاء العلمي:

مقدمة

عرفت الفلسفة العملية بكونها تجعل فكرة ما سلوكا عمليا قابلا للممارسة . كما تهتم بأولى المبادئ المتحكمة في السلوك الإنساني داخل مجتمعه. يرجع تاريخ ظهورها إلى الفترة الزمنية بين 1596-1650م. صحيح أن الفيتاغوريين اهتموا بالأخلاق؛ واهتم الايليون بالمبادئ العقلية والجدل؛ غير أن الفكر اليوناني لم يكن يولي اهتماما - أو لنقل أن الذات عندهم لم تكن تعني بالعالم الداخلي الذي عد مصدر الأخلاق وموطنها، ولا العقل باعتباره مصدر ومستقر المعرفة. لكن سرعان ماتغير اتجاه الفكر اليوناني المتجه نحو العالم الخارجي للاشتغال من الناحية الفلسفية ، إثر ظهور جماعة من من معلمي البيان سموا بالسفسطائية . وسنرى في الفصل الأول كيف نشأ هؤلاء من شككوا في العمل وأصول الأخلاق ، ليحاربهم في ما بعد سقراط وتلاميذه من خلال خوضهم جميعا في مسألة جدلية وخلقية كانت الحجر الأساس لتكوين الفلسفة العملية. فمن هم السفسطائيون؟ وما موقف سقراط منهم؟ وكيف واجه ادعاءهم؟ وهل كان لصغار السقراطيين دور في إتمام ما بدأه سقراط أم كان لهم موقف آخر؟

المحور الأول: السفسطائيون

1- نشوء السفسطائيين

بعدما أبعدت أثينا الفرس وحفظت لليونانيين عقلهم واستقلالهم، انطلقوا بهمم جديدة أظهرت فيهم للعالم والشاعر والفنان، والمؤرخ، والطبيب، والصانع، وقويت الديموقراطية في جميع المدن؛ وهي كلها أمور بديهية في هكذا واقع. غير ان نسبة النزاعات زادت أمام المحاكم والمجالس الشعبية، وشاع الجدل القضائي والسياسي؛ فكان لزاما ايجاد حل لهده النزاعات كتعلم فن الخطابة وغيرها.... مع الحرص على توخي الصدق والأمانة . لكن سرعان ما ظهر السفسطائيون في النصف الثاني من القرن الخامس قبل الميلاد. للأسف لم يكن همهم حل النزاعات بل المتاجرة بالعلم لا مبالين لمكانته العظيمة التي تمنع تثمينه وتبضيعه. كما اقحموا أنفسهم في كل العلوم ، وتشربوا من مختلف المدارس الفلسفية. وهم بذلك يحذقون تلامذتهم، ويؤولون القول ونقيضه. فهم بارعون في الاقناع ، متقنون إلقاء الخطابات. لا يصعب عليهم الإتيان بالحجج والأدلة في مختلف المسائل والمواقف حتى لو وظفوها في غير محلها لا يهمهم ذلك؛ مما جعل كلمة سفسطائيين سبة لهم رغم مبلغ علهم كونهم مغالطون غير مبالين بالحقيقة. لا يمكن إنكار إلمامهم بالعلوم التي تساعدهم كلما احتاجوا دليلا أو حجة على ادعائهم، لكن فيما ينفعهم علمهم هذا، إن لم يحسنوا توظيفه. لقد وصل بهم طمعهم وسوء استخدام العلم إلى التشكك في الدين ، واختلاق الأقاويل ، وتمجيد القوة والغلبة حتى اقتنعت النفوس أن القانون الحق هو ما يريده القوي، أي السفسطائيون لأنهم الأقوياء من حيث الثراء كونهم كانوا يبيعون العلم للشباب الأثرياء، وأقوياء من حيث فن الإقناع والبراعة في إلقاء الخطابات الزائفة على عامة الناس، ومن بين هؤلاء بروتاغوراس.

2- نبذة عن بروتاغوراس

بروتاغوراس أحد أشهر الفلاسفة السفسطائيين في القرن 6 قبل الميلاد. ولد باديرا وعرف كبير فلاسفتها ديموقريطس. كما زار اثينا عدة مرات حوالي سنة 450 قبل الميلاد، لكنه فر منها لما اتهم بالإلحاد عند تشكيكه بوجود الآلهة. غير أن أفلاطون يشهد له في محاورة هيثون بحسن السمعة طيلة حياته. درس هذا الأخير الخطابة وبر فيها، كما عرف بقوله : لكل حجة وجهان اثنان وإمكانية جعل الضعيفة قوية والقوية ضعيفة مع التبرير لكل منهما. ويبرر قوله هذا بأن الإنسان أحيانا يكون مطالبا بإثبات عدالة قضية معينة. فيضطر إلى الدفاع عن نفسه، واتخذ ما عرفته اثنا آنذاك من نزاعات مثالا على ما جاء به. أيضا إن الأثينيين يمارسون الديموقراطية المباشرة فيعبر الرجال دون النساء عن رأيهم. هنا يقول بروتاغوراس بضرورة فن الإقناع والبلاغة للتأثير في الشأن السياسي. كذلك اشتهر بلا أدريته؛ حيث كان محايدا فيما يخص وجود الآلهة، فهو لا يؤكد ولا ينفي وجودهم؛ ويرجع موقفه هذا إلى غموض الموضوع أولا أي أن ما ليس ملموسا يصعب إدراكه؛ وثانيا إلى قصر الحياة. فإذا ما أمعنا النظر في هذا العامل نجد أن السفسطائيين يأخذون كل الأمور من وجهة نظر الإنسان الذي يصعب عليه بلوغ اليقين. كما اشتهر هذا الأخير بقوله أن الإنسان مقياس كل الأشياء الموجودة، ومقياس لا وجود الغير موجودة منها.. هنا بروتاغوراس كان يعلم طلابه أخذ المع والضد بنفس القضية لأن كل موضوع له جانبان يمكن الدفاع عنهما عموما، ما يقصده بروتاغوراس بقوله الإنسان الفرد مقياس كل شيء أن كل المظاهر الحسية تكون صادقة نسبة للشخص المعني تحديدا.

3- الفيلسوف السفسطائي غورغياس

عد غورغياس ثاني الفلاسفة السفسطائيين أهمية . ولد بمدينة ليونتبوم بصقلية وأخذ العلم عن اليادوقليس . اشتغل بالطبيعيات. ذهب إلى اثينا كسفير سنة 427 قبل الميلاد يستنصرها باسم مدينته على أهل سراقوصة ، ثم عاد إلى مدينته. لكن سرعان ما عاد إلى اثينا لإلقاء خطاباته كغيره من السفسطائيين؛ ونسبت إله عدة شذرات ، وكتاب في الطبيعة تحدث فيه عن ثلاث نقاط غاية في الأهمية. 

الأولى نقده للوجود حيث قالةبعدم وجود أي شيء موضحا أنه إما أن يكون الشيء موجودا، أو غير موجود، أو كلاهما، ولا يمكن أن يكون الشيء موجودا وغير موجود في الآن نفسه. 

ثانيا حتى لو وجد الموجود فلا يمكن استيعابه. 

ثالثا : يقر أنه حتى لو وجد الشيء ، وتم إدراكه سيصعب الإخبار عنه. ذلك أننا عندما نخبر عن الأشياء ، نكون قدمنا مفردات ناتجة عن تمثلاتنا فقط.؛ حيث أن الكلام المدرك بالسمع عاجز عن الإفصاح عن المحسوسات.

الفصل الثاني : سقراط (حياته، فلسفته، محاكمته ومماته)

1- حياته

ولد سقراط وتلقى تعليمه بأثينا. دعا الناس دائما لمعرفة أنفسهم بأنفسهم لا بسماع الادعاءات . كان همه دائما بلوغ الحقيقة ، ميالا إلى الحوار في نقاشاته. ونظرا لنجاحه وذكائه كان له العديد من الأعداء . كما اتهم بإفساد عقول الشباب لا لشيء إنما فقط لأن عقله كان سابقا لزمانه. همه الأكبر نيل المعرفة ، ويقول بهذا الصدد :ليس الجاهل من لا يفكر، بل من يعتقد أنه يفكر;. فالعلاقة مع الجاهل أصعب منها مع الأمي لأنه يعترف بعدم معرفته، في حين الجاهل يدعي المعرفة ولا يكتسبها. إن ظهور الفلسفة بشكل فعلي سيبدأ مع اللحظة السقراطية؛ حيث كان ذو عقل كبير. عاش ومات باثينا . طموحه الكبير أن يعلم الناس الفضيلة وطرق التفكير السليمة لبلوغ تلك الأخيرة. لا أحد ينكر أنه عاش بين أسرة فقيرة . أمه قابلة ووالده نحات بسيط إلا أنه كان زاهدا متواضعا جدا، حكيما خلوقا لا يكذب؛ بل ويؤمن بالإله الواحد مما دفع البعض إلى القول أنه ربما كان رسولا. يكلم الصغار والكبار والنساء وكل شرائح المجتمع.

2- فلسفته

أثناء ممارسة فعل التفلسف كانت اثينا مهدا للفن والفلسفة والثقافة، رغم أن الجميع آنذاك كان يطمع في السيادة إلا أن هدف سقراط الوحيد هو المعرفة التي سيجني منها المنفعة. ا يمز هذا الأخير تجسيده أفكاره الفلسفية في الواقع؛ أي أن فلسفته كانت عملية خلافا للسفسطائيين ، وكون منهجه الحياتي يهدف للفضيلة، في حين هم السفسطائيين هو الرح المادي. نتج صراع فكري بين سقراط بمعرفته الحقيقية والسفسطائيين بمعرفتهم الزائفة. وهنا انله الفيلسوف الكبير سقراط إلى قولة كانت مكتوبة في معبد ;ديلف تقول: اعرف نفسك بنفسك، مما نبهه بالعودة إلى الأرض بدل الاتجاه إلى السماء . بمعنى أن يكرس جهده ووقته في معرفة الإنسان؛ ولعل هذا ما دفع شيشرون إلى القول أن سقراط هو من أنزل الفلسفة من السماء إلى الأرض خلافا للفلاسفة الطبيعيين والمهتمين فقط بالمثافيريقا وباقي العلوم الفلكية وغيرها مستدلا على قناعته بكون الحقيقة موجودة بأعماقنا، ومعرفة الإنسان بذاته هي التي تؤهله إلى الحكمة التي يبحث عنها. كانت المعرفة عند هذا الرجل مكانة عظيمة؛ حيث أنها هي التي تدفع إلى التحلي بالفضيلة؛ غير أن معرفته كانت مرتبطة بعدة مفاهيم كالأخلاق والعدل وغيرها لا بالميثافيزيقا كما هو شأن بعض الفلاسفة.. وعلى ذكر المعرفة هناك قولة مشهورة عند الفيلسوف المتواضع، حيث يقول: كل ما أعرفه هو أنني لا أعرف شيئا وقوله أيضا: إن أمي تولد النساء وأنا أولد أفكار الرجال.

3- محاكمته ومماته

غير ان نهاية هذا الأخير رغم كل الخصال والمبادئ التي نادى بها ، ورغم محبة الاثينيين له ، إلا أن الخطباء والسياسيين كانوا كارهين له، خاصة كونه كانوا فريسة بين يديه. ولذلك تمت محاكمته وإدانته بتهمة الإلحاد وإفساد عقول الشباب ليعدم في نهاية المطاف بإعطائه سما ليشربه. ورغم محاولة تلاميذه تأخيره عن فعل ذلك ؛ إلا أنه أصر وعجل بذلك تفاديا للمهانة. فقد رأى في تمسكه بالحياة بهذا الموقف مهانة له.

الفصل الثالث : صغر السقراطيين

1- المدارس الثلاث

عرف صغار السقراطيين أنهم جماعة كانت لهم مصنفات سقراطية لم تكن بالأساس صادرة عن سقراط؛ إنما ضمت تأويلهم الشخصي بفكره. مدعين بذلك انتسابهم إليه. ومن اشهر هؤلاء أقليدس مؤسس المدرسة المعيارية وأنتستانس مؤسس المدرسة الكلبية ، ومؤسس المدرسة القورينائية أرستينيوس. رغم أن مدارسهم عمرت كثيرا، إلا أنه لم يصل من كتبهم سوى بعض الشذرات. ويعود سبب تسميتهم صغارا لكون أفلاطون هو السقراطي الكبير والخالص رغم اعتراض البعض عن هذه التسمية لغياب إثبات على ذلك. عموما، ما دام الحظ قد خان صغار السقراطيين علاوة عن نقدهم السلبي للسفسطائيين ، وما كان لسقراط الحكيم أن يفعل ذلك ، فالأجدر أن يعتبر أفلاطون دونهم من أقام مذهبا إيجابيا، خاصة أن نقش الصورة التي ترسخت للإنسانية على سقراط هي تلك التي رسمها أفلاطون عنه؛ وبالتالي لا يسعنا إلا اعتبارهم صغارا أو أصنافا سقراطيين. لكن فيما تتجلى أوجه كل من الاختلاف والتشابه بين هذه المدارس. صحيح أن المدارس الثلاثة أجمعوا على كون السعادة الداخلية –وهي غاية كل إنسان على الأرض – تعود إلى الفضيلة، فلا تأتي أبدا من غيرها. إلا انهم اختلفوا فيما يلي:

2- إقليدس المغاري

بالنسبة لأقليدس الميغاري: أسست جماعة بعد موت سقراط واهتموا كثيرا بالأخلاق، غير انهم مع ذلك مالوا للجدل؛ كما أن أقليدس وجد الفضيلة في الوجود . ويرجع سبب التسمة إلى أن زعيم هذه المدرسة أوقليدس أصله الذي عاد إليه ومسقط رأسه مدينة ميغارا.

3- انتستانس الاثيني

أما مدرسة إنتستانس الاثيني فأخذت الاسم من المكان الذي وجدت فيه حيث كان  سابقا ملعبا للكلاب. وقيل أن زعيمهم كان بلقب بالكلب ولم يكن الأمر يزعجه على اعتبار أن الكلاب تنبح إذا رأت الخطر أي انهم لا يسكتون على ما بدى لهم خطرا؛ والفضيلة عندهم تقوم على المعرفة، والزهد والتخلي عن كل ما برغب في الحياة. كانت تعجبهم كثيرا شخصية سقراط المستقلة غير ميالة لآراء الآخرين.

4- أرستبوس القوريناي

أما المدرسة الثالثة لأرستبوس القوريناي فيرجعون أصل الفضيلة إلى الفطرة، ويرون أن الحكيم صاحب السلطة هو العالم الذي لا تقيده الخرافات والتقاليد. هو شخص سيد لنفسه لا تتحكم به رغباته، بل هو المتحكم بها.

رهانات سقراط

استنادا إلى ما سبق يمكن القول أن سقراط كان مخلصا لمسقط رأسه أثينا، مهذبا، خلوقا، غير مبال بالسلطة أو المنصب؛ لا تعني له الماديات شيئا، (حتى إنه كان دائم الشجار مع زوجته التي كانت تستسلم أحيانا للحاجة، وأحيانا خوفا عليه من الأعداء، مما يعميها عن النظر في غايته الجليلة وتفهمه.) خلافا لأعدائه من السفسطائيين. كان يرتدي ثيابا بالية ، ويسير حافيا أحيانا. لم يكن منشغلا بهذه الأمور بقدر انشغاله بما هو أجل وأهم وأعظم له ولأهل أثينا الذين لم يستوعبوا ذلك باستثناء أتباعه. فالهدف الاسمى والنبيل الذي كان شغله الشاغل- والصواب ان نتبعه فيه- هو إدراك جهلنا فينا، (فمعرفة الداء تسهل وتيسر الطريق لعلاجه، وإلا استحال الخروج من الظلمة إلى نور العلم والمعرفة).

إن سقراط لم يتغاضى يوما عن أفكاره، بل ظل متشبثا بها دائما طالما أنه على حق(وهو فعلا كذلك)؛ كما لم يتوانى يوما في عمله. دائما لديه رغبة جامحة في تعليم تلاميذه، رغم تهديد أعدائه له تركهم يكيدون كيدهم، وانشغل هو بنشر المعرفة. وكون سقراط الحكيم لا يهتم بالماديات نهائيا بقدر ما هو مهتم كثير ا بالمعرفة وبلوغ الحقيقة، كرس كل جهده ووقته لزرع بذورها في النفوس لتظهر ثمارها في الناس من خلال تحليهم بالفضيلة والأخلاق. كما كان له منهج سقراطي في توليد الأفكار ؛ حيث كان يقول: "أمي تولد النساء وأنا أولد الأفكار". يعتمد في منهجه طرح أسئلة متتالية على محاوره، ثم يحاول من خلالها جعل الشخص يتوصل إلى الفكرة التي يريد أن يصل إليها من تلقاء نفسه خلافا لمنهج السفسطائيين الذي يعتمد على الإقناع. لكن سرعان ما أوقع به هؤلاء قبل تحقيق هدفه النبيل، لتنتهي حياته قبل فتح أعين العامة على الحقيقة؛ حيث اتهم هذا الأخير بتهمة إفساد عقول الشباب، وقوله بوجود الإله الواحد دون آلهتهم، ليحكم عليه فيما بعد بالإعدام. ومن أخلاق سقراط العظيمة أنه رغم إمكانية هروبه من الموت إلا أنه رفض، واحترم القانون الصادر في حقه . فلم يستسلم للخوف أو يبرر لنفسه أن يهرب رغم محاولة تلامذته تهريبه نظرا لكبريائه، إنما واجه الموقف بكل شجاعة.غير أنه رغم موت سقراط ، ورغم عدم إتمام صغار السقراطيين لرسالته في الكون باستثناء أفلاطون طبعا؛ إلا ان من تأمل حياته وأقواله الحكيمة بوعي لا يمكنه إلا أن يغذي فكره، ويتشرب من ينابيع الحكمة والمعرفة في وقتنا الراهن. وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على موت الجسد لا موت الأفكار، والمعرفة البناءة التي تركها لنا سقراط "حيث تعلمنا منه أن الحياة دون فكر ليست بحياة ، إنما ذل ومهانة ، وتكريس للجهل والانصياع. لذلك لكي بتعالي الإنسان عن باقي المخلوقات وجب عليه البحث عن المعرفة والحقيقة حيثما وجدت دون كلل أو ملل والتحلي بالأخلاق السامية التي تسمو بشخصه وعقله معا.

خلاصة

وصفوة القول أن الفلسفة العملية هي فلسفة تجسيدية، حيث إن الأفكار التي تنادي بها تأمل تحقيقها على أرض الواقع. وقد ظهرت هذه الفلسفة مع ظهور السفسطائيين. أي في القرن الخامس قبل الميلاد. في تلك الفترة لم يعد المجتمع زراعيا. بل اصبح تجاريا. يشهد تقدما في عدة مجالات كالفنون، والطب إلى غير ذلك. ما يميز هذه الحقبة الزمنية هو ظهور السفسطائيين وهم جماعة بارعون في الجدل والخطابة والبلاغة. ادعوا حل نزاعات الأفراد ؛ في حين كانوا يعملون لمصلحتهم الخاصة كي يقووا من أنفسهم ماديا وسياسيا. لكن سرعان ما ظهر الفيلسوف الكبير سقراط الذي غير مسار التفكير من اهتمام بالطبيعة إلى اهتمام بالإنسان ، ليواجه فيما بعد مغالطات السفسطائيين دفاعا عن الفلسفة والعقل؛ حيث إن الحقيقة عنده موجودة في الذات الإنسانية لا العالم الخارجي. لكن أعداء سقراط وجهوا له العديد من الاتهامات الباطلة لتتم محاكمته وبموت معدوما فيما بعد. ثم ظهرت بعض المدارس مع صغار السقراطيين بعد سقراط، وسموا بذلك لأنهم لم يأخذوا عنه فلسفته، بل اتحدوا جميعا في المناداة بالفضيلة فقط. أما الباقي فهي أفكارهم التي نسبوها إليه . وبذلك اعتبر افلاطون وحده من أقام مذهبا إيجابيا خالصا دونهم.


عن الكاتب

الناشر

اتصل بنا

من أجل البقاء على تواصل دائم معنا ، قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في موقعنا ليصلك كل جديدً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

بيت اللسانيات

2025