بيت اللسانيات بيت اللسانيات

آخر الأخبار[cards]

جاري التحميل ...

تعليق

مُعْجَمُ الدَّوْحَةِ التَّارِيخِيُّ لِلُّغَةِ العَرَبِيَّةِ: دِرَاسَةٌ تَحْلِيلِيَّةٌ لِأَهَمِّيَّةِ المَشْرُوعِ وَانْعِكَاسَاتِهِ الثَّقَافِيَّةِ وَاللِّسَانِيَّةِ

مُعْجَمُ الدَّوْحَةِ التَّارِيخِيُّ لِلُّغَةِ العَرَبِيَّةِ: دِرَاسَةٌ تَحْلِيلِيَّةٌ لِأَهَمِّيَّةِ المَشْرُوعِ وَانْعِكَاسَاتِهِ الثَّقَافِيَّةِ وَاللِّسَانِيَّةِ




المُلَخَّصُ (Abstract)

يَتَنَاوَلُ هَذَا المَقَالُ التَّحْلِيلِيُّ مَشْرُوعَ مُعْجَمِ الدَّوْحَةِ التَّارِيخِيِّ لِلُّغَةِ العَرَبِيَّةِ بِالوَصْفِ وَالتَّقْيِيمِ، مُسَلِّطًا الضَّوْءَ عَلَى مَكَانَتِهِ التَّارِيخِيَّةِ كَأَوَّلِ مُعْجَمٍ تَارِيخِيٍّ يَكْتَمِلُ لِلُغَةِ العَرَبِيَّةِ، بَعْدَ تَأَخُّرٍ طَوِيلٍ مُقَارَنَةً بِاللُّغَاتِ العَالَمِيَّةِ الأُخْرَى. يَهْدِفُ المَقَالُ إِلَى تَأْطِيرِ المَشْرُوعِ ضِمْنَ حَرَكَةِ التَّأْلِيفِ المَعْجَمِيِّ العَرَبِيِّ، مَعَ الِانْتِقَالِ لِاسْتِخْلَاصِ الانْعِكَاسَاتِ الثَّقَافِيَّةِ العَمِيقَةِ الَّتِي يُؤَكِّدُهَا هَذَا العَمَلُ المَوْسُوعِيُّ، خَاصَّةً فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهَيْمَنَةِ الجَذْرِ الثُّلَاثِيِّ وَالنَّظْرَةِ الجَمَاعِيَّةِ فِي العَقْلِ العَرَبِيِّ. وَيُؤَكِّدُ البَحْثُ عَلَى أَنَّ المُعْجَمَ يُعَدُّ قِمَّةَ التَّأْلِيفِ اللُّغَوِيِّ المَعَاصِرِ، وَخُطْوَةً فَارِقَةً فِي دِرَاسَةِ اللُّغَةِ وَتَطَوُّرِهَا الدِّلَالِيِّ عَبْرَ العُصُورِ، وَهُوَ مُتَاحٌ لِلْجُمْهُورِ العِلْمِيِّ وَغَيْرِ العِلْمِيِّ عَلَى المَنَصَّاتِ الرَّقْمِيَّةِ.

الكَلِمَاتُ المِفْتَاحِيَّةُ: مُعْجَمُ الدَّوْحَةِ التَّارِيخِيُّ، التَّأْلِيفُ المَعْجَمِيُّ، اللُّغَةُ العَرَبِيَّةُ، الجَذْرُ الثُّلَاثِيُّ، الثَّقَافَةُ العَرَبِيَّةُ، اللِّسَانِيَّاتُ التَّارِيخِيَّةُ.

1. المُقَدِّمَةُ (Introduction)

تَمُرُّ اللُّغَاتُ الطَّبِيعِيَّةُ بِتَطَوُّرَاتٍ دِلَالِيَّةٍ وَصَرْفِيَّةٍ تَتَّبِعُ حَرَكَةَ الحَيَاةِ وَتَغَيُّرَ المَفَاهِيمِ. وَتُعَدُّ المَعَاجِمُ التَّارِيخِيَّةُ المَرْصَدَ الأَسَاسِيَّ لِرَصْدِ هَذِهِ التَّحَوُّلَاتِ، وَتَقْفِي أَثَرِ الكَلِمَةِ مِنْ مَوْلِدِهَا إِلَى الِانْدِثَارِ أَوِ التَّجَدُّدِ. وَعَلَى الرَّغْمِ مِنْ غِنَى التُّرَاثِ المَعْجَمِيِّ العَرَبِيِّ -الَّذِي بَدَأَ بِمُعْجَمِ العَيْنِ فِي أَوَاخِرِ القَرْنِ الثَّانِي الهِجْرِيِّ وَشَمِلَ مَعَاجِمَ الأَلْفَاظِ وَالمَعَانِي-، إِلَّا أَنَّهُ ظَلَّ مُتَأَخِّرًا فِي إِنْجَازِ مُعْجَمٍ تَارِيخِيٍّ شَامِلٍ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى حَالَةِ اللُّغَةِ فِي حِقْبَةٍ مُعَيَّنَةٍ، بَلْ يَتَتَبَّعُهَا زَمَنِيًّا.

يُمَثِّلُ مُعْجَمُ الدَّوْحَةِ التَّارِيخِيُّ لِلُّغَةِ العَرَبِيَّةِ المَحْطَةَ الأَهَمَّ فِي هَذَا المَسَارِ، حَيْثُ يُعْلَنُ عَنْهُ بِاعْتِبَارِهِ التَّتْوِيجَ النِّهَائِيَّ لِحَرَكَةِ التَّأْلِيفِ المَعْجَمِيِّ العَرَبِيِّ. تَهْدِفُ هَذِهِ الدِّرَاسَةُ إِلَى تَحْلِيلِ الأَبْعَادِ المَنْهَجِيَّةِ وَالثَّقَافِيَّةِ لِهَذَا المَشْرُوعِ الكَبِيرِ، وَالَّتِي تَتَجَاوَزُ مُجَرَّدَ حَصْرِ الكَلِمَاتِ إِلَى الكَشْفِ عَنْ عَقْلِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ وَأَسُسِ تَكْوِينِهَا.

2. السَّيَاقُ وَالمَنْهَجِيَّةُ (Context and Methodology)

يَتَمَيَّزُ المُعْجَمُ التَّارِيخِيُّ بِكَوْنِهِ يَنْظُرُ إِلَى اللُّغَةِ نَظْرَةً تَزَامُنِيَّةً (Diachronic)، مُخَالِفًا المَعَاجِمَ العَامَّةَ الَّتِي تَنْظُرُ إِلَيْهَا نَظْرَةً تَوَافُقِيَّةً (Synchronic). وَيَقُومُ المُعْجَمُ عَلَى مَنْهَجِ تَتَبُّعِ اسْتِعْمَالَاتِ كُلِّ مُفْرَدَةٍ مِنْ خِلَالِ نُصُوصِ مَدَوَّنَةٍ زَمَنِيَّةٍ هَائِلَةٍ، بِدْءًا مِنْ النُّقُوشِ وَالمُعَلَّقَاتِ وَانْتِهَاءً بِالعُصُورِ الحَدِيثَةِ.

يُعَدُّ تَوْقِيتُ ظُهُورِ المَعَاجِمِ مَرْهُونًا بـِ شَرْطٍ تَارِيخِيٍّ، كَمَا حَدَثَ مَعَ مُعْجَمِ العَيْنِ الَّذِي جَاءَ لِتَوْحِيدِ المَفَاهِيمِ وَتَوْضِيحِهَا فِي حِقْبَةٍ زَمَنِيَّةٍ مُحَدَّدَةٍ. وَبِذَلِكَ، يَأْتِي مُعْجَمُ الدَّوْحَةِ لِيَلْبِيَ الحَاجَةَ المُلِحَّةَ لِبِنَاءِ مَرْجِعِيَّةٍ تَارِيخِيَّةٍ تُقَدِّمُ "شَرِيطَ حَيَاةٍ" لِكُلِّ مُفْرَدَةٍ عَرَبِيَّةٍ.

3. النَّتَائِجُ وَالمُكْتَشَفَاتُ اللِّسَانِيَّةُ (Results and Linguistic Findings)

لَمْ يَقْتَصِرْ مُعْجَمُ الدَّوْحَةِ عَلَى الجَانِبِ التَّوْثِيقِيِّ، بَلْ أَسْفَرَ عَنْ مُكْتَشَفَاتٍ تَتَعَلَّقُ بِجَوْهَرِ العَقْلِ اللُّغَوِيِّ العَرَبِيِّ وَالثَّقَافَةِ المُصَاحِبَةِ لَهُ:

3.1. هَيْمَنَةُ الثُّلَاثِيَّةِ فِي بِنَاءِ اللُّغَةِ

أَكَّدَ التَّحْلِيلُ اللِّسَانِيُّ لِأَسُسِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ عَلَى أَنَّ أَكْثَرَ الأَلْفَاظِ مُرْتَبِطٌ بـِ الجُذُورِ الثُّلَاثِيَّةِ (ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ)، مِمَّا يَعْكِسُ عَقْلًا لُغَوِيًّا يَمِيلُ إِلَى هَذَا البِنَاءِ. وَلَاحَظَ البَاحِثُونَ انْخِفَاضًا حَادًّا فِي نِسْبَةِ التَّقْلِيبِ لِأَجْلِ اشْتِقَاقِ المَعَانِي فِي الثُّنَائِيِّ المُضَعَّفِ، وَتَقْرِيبًا غِيَابَهُ فِي الرُّبَاعِيِّ وَالخُمَاسِيِّ، مِمَّا يُرَسِّخُ مَرْكَزِيَّةَ الأَصْلِ الثُّلَاثِيِّ.

3.2. انْعِكَاسُ الثَّلَاثَةِ عَلَى البُنْيَةِ الثَّقَافِيَّةِ

تَجَاوَزَ الِارْتِكَازُ عَلَى الرَّقْمِ "ثَلَاثَة" الجَانِبَ الصَّرْفِيَّ لِيَنْعَكِسَ عَلَى مُكَوِّنَاتِ الثَّقَافَةِ العَرَبِيَّةِ الَّتِي تَعْكِسُ عَقْلَ اللُّغَةِ. فَمِنْ القَوَاعِدِ الثَّابِتَةِ فِي اللُّغَةِ وَالفِقْهِ وَالحَيَاةِ العَرَبِيَّةِ:

أَدْنَى الجَمْعِ: هُوَ ثَلَاثَةٌ فِي اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ.

ثَالِثَةُ الأَثَافِي: القِدْرُ لَا تَسْتَقِرُّ إِلَّا عَلَى ثَلَاثَةِ حِجَارَةٍ، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِقْرَارِ وَالتَّمْكِينِ بِالثَّلَاثِيَّةِ.

التَّأْمِيرُ: التَّوْجِيهُ النَّبَوِيُّ: "إِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً فَأَمِّرُوا أَحَدَكُمْ"، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى النَّظْمِ الِاجْتِمَاعِيِّ القَائِمِ عَلَى هَذَا العَدَدِ.

3.3. عَقْلِيَّةُ الِانْدِغَامِ الجَمَاعِيِّ

أَفْرَزَتْ طَبِيعَةُ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ نَظْرَةً تُؤَكِّدُ عَلَى وُجُودِ الجَمَاعَةِ بِدَلِيلِ أَنَّ العَرَبَ لَا يَنْظُرُونَ إِلَى الفَرْدِ بَلْ إِلَى الجَمْعِ. فَقِيمَةُ الفَرْدِ وَحِمَايَتُهُ مَرْهُونَةٌ بِمِقْدَارِ انْدِمَاجِهِ وَانْتِمَائِهِ لِلْقَبِيلَةِ وَالوَحْدَةِ، مِمَّا يُفَسِّرُ ظَاهِرَةَ "خَلْعِ القَبِيلَةِ" لِلصَّعَالِيكِ الَّذِينَ انْفَكُّوا عَنْ النَّسِيجِ الِاجْتِمَاعِيِّ، كَمَا يَتَجَلَّى فِي المَقُولَةِ الشِّعْرِيَّةِ: "وَمَا أَنَا إِلَّا مِنْ غَزِيَّةَ إِنْ غَوَتْ غَوَيْتُ، وَإِنْ تَرْشُدْ غَزِيَّةُ أَرْشُدِ".

4. المُنَاقَشَةُ وَالِاسْتِنْتَاجُ (Discussion and Conclusion)

إِنَّ مُعْجَمَ الدَّوْحَةِ التَّارِيخِيَّ لِلُّغَةِ العَرَبِيَّةِ لَيْسَ مُجَرَّدَ مُنْجَزٍ لُغَوِيٍّ، بَلْ هُوَ وَثِيقَةٌ تَارِيخِيَّةٌ وَثَقَافِيَّةٌ تَقُومُ بِإِعَادَةِ قِرَاءَةِ تَطَوُّرِ اللُّغَةِ وَالثَّقَافَةِ مَعًا. وَيُشَكِّلُ إِتْمَامُ هَذَا المَشْرُوعِ سَدًّا لِفَجْوَةٍ مَعْرِفِيَّةٍ طَالَمَا عَزَلَتْ العَرَبِيَّةَ عَنْ مَنْهَجِيَّاتِ الدِّرَاسَةِ التَّارِيخِيَّةِ المَعَاصِرَةِ الَّتِي طَبَّقَتْهَا اللُّغَاتُ الأُخْرَى.

يُعْطِي المُعْجَمُ البَاحِثَ أَدَاةً لَا مَثِيلَ لَهَا لِفَهْمِ الدَّوَافِعِ الدِّلَالِيَّةِ وَالاشْتِقَاقِيَّةِ الَّتِي أَدَّتْ إِلَى صِيَاغَةِ الأَلْفَاظِ، كَمَا يُقَدِّمُ بُرْهَانًا عَلَى التَّلَاحُمِ الوَثِيقِ بَيْنَ النَّظْمِ اللِّسَانِيِّ (الثُّلَاثِيَّةُ) وَالنَّظْمِ الثَّقَافِيِّ (الجَمَاعِيَّةُ).

وَمِنْ أَبْرَزِ مَا يُمَيِّزُ هَذَا الإِنْجَازَ هُوَ تَوَفُّرُهُ الكَامِلُ لِلْجُمْهُورِ عَلَى المَوْقِعِ الإِلِكْتُرُونِيِّ وَتَطْبِيقَاتِ الهَوَاتِفِ النَّقَّالَةِ، مِمَّا يُحَقِّقُ سُرْعَةَ الِانْتِشَارِ وَيَجْعَلُهُ مَرْجِعًا عِلْمِيًّا وَعَامًّا مُتَاحًا لِكُلِّ مُهْتَمٍّ بِاللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ.

تُؤَكِّدُ النَّتَائِجُ عَلَى أَنَّ مُعْجَمَ الدَّوْحَةِ يُمَثِّلُ مَنْعَطَفًا حَاسِمًا فِي مَسِيرَةِ حِفْظِ وَدِرَاسَةِ اللُّغَةِ، وَأَنَّهُ يَرْفَعُ رَايَةَ اللِّسَانِيَّاتِ التَّارِيخِيَّةِ فِ.ي العَالَمِ العَرَبِيِّ.

عن الكاتب

بيت اللسانيات | Bitlisaniyat

التعليقات


اتصل بنا

من أجل البقاء على تواصل دائم معنا ، قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في موقعنا ليصلك كل جديدً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

بيت اللسانيات