تقرير محاضرة | العلاقة بين الإيقاع الشعري والإيقاع الموسيقي ورقمنتها
إعداد ذ. محمد قدوري
نظّم فريق اللسانيات والإنسانيات بأكاديمية بيت اللسانيات الدولية محاضرة علمية في موضوع "العلاقة بين الإيقاع الشعري والإيقاع الموسيقي ورقمنتها" من تقديم المهندس والعَروضي والشاعر العراقي ليث موسى حسين، وذلك يوم 16 نونبر 2024 ابتداءً من الساعة العاشرة بتوقيت مكة المكرمة/ الثامنة بتوقيت المغرب والجزائر.
سيَّر اللقاء الأستاذ محمد قدوري ـ المملكة المغربية، حيث قام بتقديم موجز عن السيرة العلمية والمهنية للمهندس ليث موسى حسين، مستعرضا قيمة الموضوع وأهميته ودوره في تطوير هذا الجانب من علوم اللغة العربية، وذلك لارتباطه بالثورة الرقمية التي نشهد سرعتها في جميع مناحي المعرفة. ثم أعطى الكلمة للمحاضر الذي استهل مداخلته بإثارة أهم الأفكار التي يتضمنها الموضوع، ويمكن إبرازها على النحو الآتي:
علاقة الهندسة بالإيقاع الشعريّ؛ تتأتى من تمثيل الحرف المتحرك في اللغة العربية بالرقم (1) وتمثيل الحرف الساكن في اللغة العربية بالرقم (0)، ويُستخدَم هذا التمثيل الذي يصطلح عليه بالأرقام الثنائية في لغة الحاسوب.
تعريف الإيقاع الشعري والإيقاع الموسيقي؛ تمت الإشارة إلى كثرة التعريفات عن معنى الإيقاع، أبان المهندس المعنى المتفق عليه عربيا، وهو حركة تتميز بالخِفّة والثقل مع عامل الزّمن والتكرار، أي نظام توالي المقاطع المقصورة والممدودة (العناصر الإيقاعية) في أزمان متناسبة بينهما وثابتة، فزمن المقطع الممدود يساوي ضعف زمن المقطع المقصور دومًا، وقدم أمثلة من الواقع الوجودي لحركة الكون في تجسيد هذا التكرار، غير أن هذا التكرار له زمن معيّنٌ لكل عنصرٍ إيقاعي وبتنوّع توالي العناصر الإيقاعيّة يتحدّد نوع الإيقاع.
وبيَّن أن الخِفّة هي توالي الأحرفِ المتحرّكة، وقد أتبع ذلك بأمثلة تفصيلية.
انكفاء الناس عن الإيقاع؛ أرجع المهندس ليث موسى حسين هذا الانكفاء إلى عدم قدرة العرب على تمثيل الإيقاع في كلامهم، بسبب العامية التي قلّلت من توالي الحروف المتحركة، أي المقاطع الخفيفة، وأبدلته بالمقطع الثقيل الذي يأتي على وزن (فَعْلُنْ أو مَفْعُولُنْ أو فَعْلُنْ مكررة: (فَعْلُنْ فَعْلُنْ).
أمثلة في اللهجة المصرية: "دِلْوَأْتِي" (مَفْعُولُنْ). "إِزَّيَّكْ" (مَفْعُولُنْ). وفي اللهجة العراقية: "وِينْ رَايَحْ" (فَاعْ فَعْلُنْ) وفي اللهجة المغاربية: "وِشْ رَاكْ" (فَعْلاَنْ).
وكذلك تسكين الحرف الأول من الكلام أمثلة: (... خْــرَجْ، بْلَعْ، جْنانْ، مْرايه، مْسافِرْ...) وآلاف من الكلمات، وقد بين المهندس كيف تقضي العامية على الموارد البشرية عند العرب بنسبة قد تصل إلى النصف. مؤكدا أن غايته من برنامج "خبير العروض" هي زيادة الحصيلة اللغوية عند العرب وبخاصةٍ النشء الجديد وتقليص استخدام العامية.
أسس العلاقة بين الإيقاع الشعري والإيقاع الموسيقي؛ بيّن المحاضر أن الموسيقا تتألف من عنصرين اثنين: الإيقاع واللحن، بحيث يرى أنهما مرتبطين معا في موسيقانا العربية، كما كشف الاختلاف الحاصل بين الذوق الموسيقي العربي والغربي. كما بيّن الأسس الإيقاعية والمحددة في أربعة أنواع التي أسست لها نظرية الموسيقي والشاعر المرحوم محمد العياشي التونسي، والتي يعدها مماثلة للألفاظ في اللغة العربية، واستَدَلَّ على ذلك بمثال عبر تحليل البيت الشعري في برنامج "خبير العروض" الذي رسم الإيقاع الموسيقي للنص الشعري.
تقليص استعمال العامية؛ يؤكد المهندس العَروضي أن هذا التزاوج بين الإيقاعين الشعري والموسيقي سيحقق زيادة في الحصيلة اللغوية لدى مستخدم البرنامج، وبيان ذلك: عندما يكتب الطالب نصّا شعريا ويتّبع توجيهات البرنامج سيحصل على عزف لإيقاع ذلك النص، الأمر الذي يحبّب إليه تكرار هذه العملية، وهذا مما يسهّل عليه فهم الكتاب المدرسي.
برمجة علوم اللغة العربية؛ أشار المهندس ليث موسى حسين أن تمثيل الحرف المتحرك والحرف الساكن يؤهله إلى استخدام هذا التمثيل في علوم اللغة العربية الأخرى مثل الصرف والنحو.
طلبَ المتابعون للمحاضرة رؤية نموذج لتحليل البيت الشعري على المباشر؛ عرض المحاضر مثالا في الكشف عن بيت شعري اختاره وشرح تتبع البرنامج في تحليل هذا البيت بدءا من الكتابة العروضية مرورا باختيار التفاعيل المطابقة لوزن البيت وبيان اسم البحر وما أصاب البيت من زحافات وعلل.
وقبل الانتقال إلى تفاعل المشاهدين للمحاضرة وعرض أسئلتهم، وجَّه المسيّر محمد قدوري سؤالا للمهندس ليث موسى حسين مفاده: هل يمكنني أن أصبح شاعرا من خلال البرنامج؟ كانت إجابة المحاضر أنه إذا استمر أي شخص في قضاء ساعة يوميا وهو يدرس ويجرب لمدة شهرين فسيتمكن من نظم قصيدة من 7 أبيات، وهذا التأكيد لم يكن تقديرا منه، بل كان تقدير مستخدمي البرنامج الذين نشروا قصائدهم الأولى على صفحة المناقشات في البرنامج.
بعد المحاضرة المضيئة والمفيدة التي قدمها العَروضي العراقي، عرض عليه المسيّر الأسئلة التي أثارها المتابعون للمحاضرة على منصة YOUTUBE، والتي كانت متنوعة ومتوزعة على فترات المحاضرة، وقد أجاب عليها المحاضر جميعا بإفاضة الشرح والتفصيل فيها حتى تتضح الصورة أمام السائل وزوال اللَّبس. وفي الختام شكر المسير وتمنى أن تكون للمحاضر إطلالات أخرى في منصة بيت اللسانيات الدولية في مواضع أخرى.
تعليق