تقرير المحاضرة العلمية
"المصطلح العلمي العربي بين ثنائيتي التوحيد / التعديد والتقليد /التجديد"
ذ. سمير أوربع
احتفاء باليوم العالمي للغة العربية، نظمت أكاديمية بيت اللسانيات الدولية (تركيا) محاضرة علمية في موضوع " المصطلح العلمي العربي بين ثنائيتي التوحيد / التعديد والتقليد /التجديد"، أعدها وألقاها شيخنا فضيلة الدكتور محمد أزهري (أستاذ التعليم العالي بجامعة السلطان مولاي سليمان - المملكة المغربية) بتاريخ: 2024/12/16م عبر تطبيق Zoom Meeting.
استهل كلمته بتقديم الشكر والامتنان لأعضاء بيت اللسانيات ورحب بالحضور الكرام من الدكاترة والباحثين، هذا وقد وزع الدكتور محاضرته العلمية إلى:
- مقدمة: قراءة شاملة لسياق المحاضرة وإشكالاتها المعرفية والعلمية العالقة.
- المحور الأول: انصب حول ثنائية التوحيد التعديد في المصطلح العلمي العربي.
- المحور الثاني: ناقش من خلاله المحاضر موضوع التقليد التجديد في المصطلح العلمي العربي.
- خاتمة: تضمنت آفاق المستقبل ومجموعة من المقترحات والتوصيات.
أشار فضيلة الدكتور أزهري في بداية ورقته العلمية إلى أهمية العنوان باعتباره مدخلا هاما للتفاعل مع النص قراءة وتأويلا. ومن خلال توزيعه للعنوان إلى شقين، نفذ إلى توزيع محاضرته إلى ثماني وقفات:
الوقفة الأولى:
تناول فيها لفظ المصطلح لغة واصطلاحا، مشيرا إلى شرطية الاتفاق التي أجمع عليها العلماء، والتي لا ينبغي التسليم بها دوما، مادام المصطلح من صنيع شخص واحد، بالإضافة إلى قضية هجرة المصطلحات من مجال عام لتعبر عن معنى ما في مجال لغوي خاص.
الوقفة الثانية:
تحدثا فيها أستاذنا المحاضر لفظ العلمي، وهو مركب وصفي؛ يفيد مجموعة الألفاظ التي تسمي مفاهيم معينة في أي علم من العلوم بأصنافها الثلاث الكبرى ( العلوم الشرعية، والعلوم الإنسانية، والعلوم المادية).
الوقفة الثالثة:
ناقش فيها المحاضر نعت المصطلح العربي، ووصفه بأنه عربي نسبة إلى العرب، فالكلام العربي هو كل كلام كتب بالعربية سواء كان أصيلا أو منقولا من لغات أخرى كالفارسية والهندية والإغريقية وغيرها، وبالتالي فالمصطلح العربي يراد به ذلك اللفظ المفرد المركب الذي يسمي مفهوما معينا في أي مجال علمي.
الوقفة الرابعة:
تمحورت مضامين هذه الوقفة حول دلالات مادة ( ث، ن، ي) في اللغة العربية، فهي أولا تعبر عن الدلالة على رقم معين ومنه الثاني؛ أي الذي يلي الأول في الرتبة. ثم ثانيا؛ تدل على اقتران أمرين والجمع بينهما؛ كيفما كانت طبيعة الاقتران أو طبيعة الجمع، وقد يكون الاقتران والجمع على سبيل التضاد وهو المقصود والمراد في هذه المحاضرة، ومنه الثنائي؛ أي المؤلف من الشيء وضده، كما قد يكون الاقتران والجمع على سبيل التقابل فقط.
الوقفة الخامسة:
عرف فيها الدكتور أزهري لفظ التوحيد لغة؛ والذي يفيد في مجمل المعاجم اللغوية الحكم بأن الشيء واحد والعلم بأنه واحد؛ أي المفرد من جنسه على الإطلاق، أما من الناحية الاصطلاحية الشرعية؛ فالواحد معناه تجريد الذات الإلهية من كل شيء، والواحد اسم من أسماء الله الحسنى, ومنه فالمصطلح الموحد هو ذاك الذي يبقى فردا؛ لا تتعدد صيغه ولا تتعدد مفاهيمه، وهو الذي نصت عليه المعاجم اللغوية.
الوقفة السادسة:
في هذه الوقفة توقف شيخنا الفاضل عند حد التعديد، وأشار إلى كونه يفيد تكثير العدد والزيادة به عن الواحد، والعدد هو المقدار الذي يحصى، وعدد الشيء معناه الترديد والتكرير، وهو ما لا ينبغي له أن يكون في مجال المصطلح، لأن الأصل في المصطلح العملي أن يوضع مصطلح واحد لتسمية مفهوم واحد حرصا على الدقة وتجنبا للبس والتشويش، وفي ذات السياق أكد أستاذنا على ضرورة العمل على توحيد المصطلح العلمي في كل مجال علمي، فعوض توحيد المصطلح العلمي في العلوم كلها، أصبحنا أمام تعديد المصطلحات، وهذا التعديد من منظور شيخنا أزهري متعدد المظاهر والجوانب أهمها:
- المظهر الأول: تعديد المصطلح والمفهوم واحد.
- المظهر الثاني: تعديد المفهوم والمصطلح واحد.
- الوقفة السابعة:
وفيها تفصيل في لفظ التقليد، وتأطيره لغة واصطلاحا، ففي المعاجم اللغوية يفيد معنيين؛ الأول وضع القلادة في العنق، والحد الثاني يعني العادة المتوارثة، أما دلالته الاصطلاحية فتدل على اتباع الإنسان غيره فيما يقول ويفعل، وقبول قول الغير بلا حجة؛ أي أخذ المعارف من الآخرين مجردة من التدبر والاجتهاد وإعمال الفكر، وفي المجال المصطلحي يقصد به المحاكاة.
الوقفة الثامنة:
في الوقفة الختامية تناول الدكتور أزهري لفظ التجديد بالتحديد اللغوي والاصطلاحي، فحصر دلالته اللغوية في نقيض البالي، والتجديد مصدر جدد، أي صيره جديدا وحديثا، أما من الناحية الاصطلاحية؛ فالتجديد معناه التطور الذي ليس إعادة قديم كان عن طريق الاجتهاد. والتجديد في المصطلح العربي المقصود به الإتيان بما لم يكن شائعا ومألوفا؛ عن طريق الانفتاح على آفاق رحبة.
وقد رأى الدكتور أزهري أن لفظ التجديد يقتضي تجنب الاجترار وتفادي التكرار، كما لا ينبغي له أن يكون غاية بل وسيلة للاستجابة لضرورة علمية. كما أكد في ذات السياق على ضرورة تصحيح الفهوم التي سادت فترات طويلة على الرغم من الأخطاء التي طالتها، وكذا إعادة النظر في صياغة الكثير من العناوين التي عنونت بها كثير من البحوث والدراسات سواء العربية منها أو المترجمة.
خاتمة:
خصص أستاذنا الجليل خاتمة ورقته العلمية للحديث عن الآفاق المستقبلية وبعض الاقتراحات والتوجيهات التي من شأنها أن تطور مسار البحث العلمي في مجال المصطلح العلمي العربي، والتي يمكن إجمالها كالآتي:
- حاجة الساحة العلمية إلى ضرورة توحيد المصطلح العلمي العربي بين الباحثين والدارسين.
- ضرورة توحيد التصور والرؤية قبل توحيد المصطلح العلمي العربي.
- توحيد منهجية البحث والعمل في الساحة العلمية العربية؛ وتوحيد المرجعية أو المرجعيات المعرفية.
- ضرورة مراجعة كل المعاجم الصادرة لحد الآن؛ من أجل غربلة ما فيها للاحتفاظ بالصحيح فيها والتخلي عن أخطائها.
- تبني خطة منهجية مضبوطة وسد الخصاص المتواجد في كل تخصص علمي والاستجابة للتحدي الحضاري والعلمي الذي تعرفه الأمة.
افتح الصورة لمتابعة التسجيل الكامل للمحاضرة؛
تعليق