تقرير عام حول المحاضرة العلمية
النمذجة في اللسانيات المعاصرة، وآفاق الدرس اللساني؛ الوظيفية أنموذجا
نظم فريق
اللسانيات والإنسانيات التابع لأكاديمية بيت اللسانيات الدولية بشراكة إعلامية مع
منصة "فيجن" ومنصة "دوراتي" يوم الخميس 27 يونيو 2024م على
الساعة الثامنة ليلا بتوقيت المغرب، العاشرة بتوقيت مكة المكرمة، عبر المواقع
والصفحات الرسمية لأكاديمية بيت اللسانيات، محاضرةً علمية بعنوان: "النمذجة
في اللسانيات المعاصرة، وآفاق الدرس اللساني؛ الوظيفية أنموذجا".
ولقد قدم هذه المحاضرة الدكتور محمد نافع العشيري؛ أستاذ محاضر
مؤهل بالمدرسة العليا للأساتذة بتطوان - جامعة عبد المالك السعدي ورئيس الجمعية
المغربية لخدمة اللغة العربية ورئيس تحرير لمجلة قضايا نقدية ولسانية، وقد سير هذه
المحاضرة العلمية الطالب الباحث يونس بوحميدي.
استهل
الدكتور نافع العشيري كلمته بتقديم الشكر لفريق اللسانيات والإنسانيات ومن خلاله
لأكاديمية بيت اللسانيات الدولية على الاستضافة، مشيدا بمبادرات الفريق التي تعزز
من مكانة الدرس اللساني العربي بشكل عام، والدرس اللساني المغربي بشكل خاص، لينتقل
إلى أهمية سؤال النمذجة في اللسانيات، فهو مرتبط بالطرح العلمي الذي حاولت
اللسانيات أن تتبناه منذ القرن 19 حين أصبحت تسعى لتبني طرق علمية دقيقة بهدف
تحقيق دقة أكبر في فهم الظواهر.
ثم أشار إلى أن هذا السؤال قد أفرز موقفين متباينين؛ يذهب أولهما إلى أنَّ
العلوم الإنسانية لا تستطيع تحقيق العلمية، أما آخرهما فيرى أن الظواهر الإنسانية
يمكن أن تخضع للمقاربة العلمية.
ولقد ظلت العلوم الإنسانية -حسبه- كثيرة
المناهج، قليلة النتائج، فضلا عن استمرار الخلاف فيها بين تيارين كبيرين هما:
الطريقة الذرية التجزيئية التاريخية، والطريقة الجشطلتية.
ثم بسط الكلام في مسألة ظهور البنيوية التي يراها
تصورا فلسفيا أكثر منه لغويا، ذلك أنها أحدثت تغييرا جذريا في دراستنا لعلوم
الإنسان، إضافة إلى تميزها بدراسة البنيات بحيث إن أي تغيير يمس عنصرا من عناصر
البنية يؤدي إما إلى انهيار البنية أو إلى ظهور بنية جديدة، وقد قدم مثالا عن ذلك
باستعمال مفهوم البنية.
وقد
توقف عند مفهومي البنية والنموذج؛ فالبنية -عنده- هي في صميم الأشياء، أما النموذج
فهو صورة عقلية ذهنية يبنيها الباحث انطلاقا من خلفيته المعرفية، ليخلص إلى أن
مفهوم النمذجة ليس حديث الولادة ظهر مع اللسانيات النظرية، بل هو مفهوم قديم ارتبط
بالمدرسة البنيوية.
أما في ما يخص الفرق بين اللسانيات البنيوية
واللسانيات التوليدية فإنه يرجع إلى جملة من المبادئ لخصها الدكتور محمد نافع
العشيري في قيام اللسانيات البنيوية على الوصف وعلى تصنيف المتون، في حين أن
اللسانيات النظرية تقوم على تفسير المتون، ليقف بعدها عند المنطلقات الفلسفية
والمعرفية والعلمية للسانيات النظرية، مذكرا بأنها قامت على مجموعة من المبادئ ذكر
منها: العقلانية والمنهج الاستنباطي والأسلوب الغاليلي في البحث والصورنة والكلية
وفرضية استقلالية التركيب. بعد ذلك توقف عند كل عنصر من هذه العناصر لتفسيره
وتوضيحه، مشيرا إلى أن اللسانيات النظرية (التوليدية) انطلاقا من هذه المؤشرات ستعدّ
الملكة اللغوية عضوا ذهنيا، وبالتالي الانتقال من وصف اللغة إلى بناء النماذج
الذهنية والقواعد الضمنية التي تنتج اللغة.
لهذا تساءل الدكتور: ما الفرق بين
اللسانيات النظرية الوظيفية واللسانيات النظرية غير الوظيفية؟
قبل الإجابة عن هذا التساؤل توقف الدكتور عند
أوجه التشابه والاشتراك بين النظريتين اللتين تسعيان إلى وصف خصائص اللغات
الطبيعية، مؤكدا أنه لا يمكن إقصاء اللسانيات الوظيفية من مجال اللسانيات النظرية،
بل هي نظرية لأنها تعتمد على كل المفاهيم التي قامت عليها اللسانيات النظرية.
بخصوص الاختلاف بين النظريتين فإنه يتجلى
أولا في الوظائف التي تؤديها اللغة، إضافة إلى اعتبار غير الوظيفيين أن اللغة يمكن
وصفها في معزل عن وظيفتها التواصلية، في حين أن الوظيفيين يرون أنه لا يمكن أن نصف
اللغة إلا ضمن السياقات المقامية التي تستعمل فيها هذه اللغة، من هنا انتقل للتحدث
عن نموذج "سيمون
ديك" (1978) الذي اعتمد فيه مجموعة من المبادئ أهمها:
· اللغة بنية تركيبية وصرفية ودلالية، وظيفتها الأساسية هي التواصل؛
· الخصائص الوظيفية تحدد بشكل كبير الوظائف البنيوية؛
· تنتج البنية الصرفية التركيبية من خلال تفاعل الخصائص الدلالية والخصائص
التداولية والخصائص التركيبية.
في الختام قدم الدكتور وصفا أوليا لنموذج "سيمون
ديك" (نموذج 1978) الذي يمثل فيه للقدرة اللغوية كما تتصورها المدرسة
الوظيفية.
قبل أن يسدل
الستار على هذا اللقاء العلمي، شكر مسير المحاضرة الأستاذ المحاضر على محاضرته
القيمة، وفتح الباب أمام المتابعين للمناقشة وطرح بعض الأسئلة لإثراء النقاش وتعميق
المعرفة في هذا المجال، ذلك ما به رحب الأستاذ المحاضر وتفاعل معه.
في ما يخص الأسئلة التي طُرِحَتْ يمكن
إجمالها في ما يلي:
§
هل تصور النمذجة الوظيفية بدأ مع "ديل
هايمز" أو "سيمون ديك"؟
§
ما أهم الكفايات التي رام النحو الوظيفي
بلوغها؟
§
ما معيار إقصاء باقي النظريات كالنحو النسقي والتركيب
الوظيفي وغيرهم من المدارس، في مقابل اشتهار النحو الوظيفي؟
بعد تقديم الإجابات عن كل التساؤلات، جدد
الأستاذ المحاضر شكره لفريق اللسانيات والإنسانيات على دعوتهم الكريمة، ولكل من
تابع المحاضرة.
والحمد لله رب العالمين.
ذة. إلهام العتعاتي
تعليق