تقرير عن المحاضرة الموسومة ب«التحوّل اللساني من التوليدية التحويلية إلى العرفانية » للدكتور (صام عبد القادر) غليزان، الجزائر.
خديجة رقاز
نظم فريق تعليم اللغة العربية التابع لأكاديمية بيت اللسانيات الدولية برئاسة الأستاذ سامي الطويرقي محاضرة حول التحول اللساني من التوليدية التحويلية إلى العرفانية يوم الجمعة 10 مارس 2023 على الساعة السابعة مساء بتوقيت السعودية و الخامسة بتوقيت الجزائر، و بعد تقديم الأستاذة شروق دحماني للأستاذ، رحّبت به ومهّدت للموضوع، ثمّ شكر الأستاذ فريق تعليم اللغةالعربية من رئيس وأعضاء بدأ الأستاذ في محاضرته القيمة.. التي يمكن تلخيصها فيما يلي:
«شهدت البحوث اللسانية الحديثة عدة تحولات منهجية ومعرفية، كان لها التأثير البالغ في تغيير مسارات الدرس اللغوي، وكانت البداية الأولى مع "فرديناند دو سوسير Ferdinand De Saussure" الذي ساهم في الانتقال بدراسة اللغة من مجالات بحثية كانت تكرس مبدأ التبعية لحقول معرفية مجاورة للمبحث اللغوي، إلى رحاب الدراسة اللسانية التي انتصرت لفكرة الانغلاق على النسق اللغوي، ودراسة اللغة في ذاتها ومن أجل ذاتها، آخذة بمبدإ المحايثة في مقاربة اللغة.
ولئن كان التصور البنوي، يشكل نقطة انعطاف حادة، ساهمت في انبثاق براديغم ألسني جديد، ما انفك ينمو ويتصلب مع التصورات اللسانية البنوية المتلاحقة، فإن الأنموذج التوليدي التحويلي، الذي اقترحه "نعوم تشومسكي Noam Chomsky "، يعكس حدث التحول الجوهري الذي طرأ على مسار الدراسة اللسانية، والذي تم بموجبه الانحراف عن مسلكية التحليل اللساني الاستقرائي، صوب مسارات التحليل التي تمخضت عن تبني مقولات التفسير والاستنباط، التي اعتمد عليها " تشومسكي" لصياغة المرتكز النظري والإجرائي للتصور التوليدي التحويلي، الذي اعتمد في نموذجه الأول على القوام الذهني التوليدي بالتركيز على القدرة الفطرية التي يؤّديها الذهن لتوليد عدد لامتناه من الجمل دون الالتفات إلى المعنى أو الدلالة.
بناء على هذا الإهمال الذي طال المكون الدلالي، تعرض نموذج البنى التركيبية لجملة من الاعتراضات، وهو ما استدعى نشوء وظهور عدة آراء جاءت على أنقاض النظرية التوليدية التحويلية، ساهمت في استقطاب تيارات معرفية اتسمت بقدرة فكرية وتقنية عالية.
وفي ضوء التطور الرهيب الذي عرفه العلم الحديث، استطاع الإنسان أن يطور أدواته لدراسة الدماغ البشري، فظهرت حينئذ الأجهزة المخبرية على المستوى النفسي والعصبي، والطبي والذكاء الاصطناعي، وتم إجراء التجارب المخبرية للكشف عن أسرار وأغوار الدماغ البشري، ومن هنا لم يكن البحث اللساني بمنأى عن هذا المسلك التطوري، إذ استفاد من النتائج التي توصلت إليها العلوم الأخرى، وعليه ظهرت فكرة تداخل الاختصاصات في إطار ما يعرف بـــ: "الدراسات البينية"، فتداخلت العلوم المعالجة للدماغ البشري وقدراته من علم النفس، وعلم الذكاء الاصطناعي، وعلم الأعصاب، والبيولوجيا واللسانيات ،والأنتربولوجيا وجُمِعَت تحت تسمية واحدة هي "العلوم المعرفية "(Les sciences cognitives) ، ومن هنا ظهرت تسمية اللسانيات العرفانية بوصفها بحثا حديثا ظهر نتيجة تداخل وتلاقح عدة علوم.»
تعليق