اللغة العربية بين اللسانيات الحاسوبية وهندسة االلغات الطبيعية

     "اللغة العربية بين اللسانيات الحاسوبية وهندسة االلغات الطبيعية

احماد وافروخ        

     

 إن الحديث عن هندسة اللغات الطبيعية حديث عن اللسانيات في جيلها الرابع، باعتبارها مجالا من بين المجالات التي تنشط فيها المعرفة الجديدة، ولكونها تجمع بين تقنيات النظريات اللسانية التي عرفت تطورا كبيرا في الأدوات الصورية التي صاغتها من مجال العلوم الإنسانية والعلوم الحقة/ الصلبة التي تقدم الأدوات المنطقية لبناء أنساق لغوية وصورنتها في قوالب رياضية تؤدي حتما وظيفتي التوليد والتحليل. وبفضل هذا التلاقح المعرفي، ثم التعرف على أن النظام اللغوي مبني على منظومة من الخوارزميات الرياضية المتمركزة في كفاية المتكلم السامع المثالي.

   والحديث عن النظريات اللسانيات يجرنا حتما إلى الحديث عن النظرية التوليدية التحويلية لرائدها تشومسكي؛ التي شكلت نقطة انطلاقة أساسية في اللسانيات الحاسوبية وهندسة اللّغات، وقد حصر الدكتور الحنّاش ضمنها ثلاثة اتجاهات، أطلق عليها:

-لسانيات الفرضيات المنطقية التي تنطلق من الصّورنة والاستدلال انطلاقا من بيانات محدودة ومحدّدة؛

-لسانيات البيانات أو المدونات التي تنطلق من الاستقراء الشّامل والتصنيف القائم على التّجريب؛

لسانيات معرفية تهدف إلى تعريف البنية اللّسانية في الدّماغ البشريّ.

   هذه الأخيرة يعود لها الفضل في نقل البحث اللساني من البيانات المنجزة إلى البحث في قدرات الدماغ البشري. مما أدى إلى بروز نظريات مهتمة بهندسة اللغات الطبيعية بشكل عام.

    صفوة القول، شكلت العلوم المعرفية منطلقا أساسيا لقياس الدماغ البشري آليا، من خلال الاهتمام بالسيرورات الذهنية لعملية التفكير عند الإنسان عن طريق الذكاء الاصطناعي الذي يهتم بدراسة القدرات العقلية البشرية والسعي إلى نمذجتها آليا، من منطلق أساسي مفاده أن لكل نشاط معرفي نموذجه الحاسوبي. 

     إذا، بما أن اللسانيات عامة واللسانيات الحاسوبية خاصة مجال علمي بحث لا يسمح بالأهواء الذاتية ولا بالآراء الفردية فإن الوصول إلى هندسة لغوية متسقة مع ما يريده الحاسوب من توصيف صوري دقيق لجميع مستويات التحليل اللغوي، يحتاج إلى دراية معمقة في النظريات اللسانية الحديثة، وفي المنطق الذي يتعامل معه الحاسوب في فهم اللغة وتوليدها. ليس هذا فقط، بل يحتاج كذلك إلى المبرمج والمهندس المعلوماتي ذوي الخلفية اللغوية الكبيرة.