الفكر التربوي عند مفسري الغرب الإسلامي: نحو نظرية تربوية إسلامية.
مقررو الجلسات: عبد الغني أيت بن أدرى، حنان المطيشي، عزالدين اليوبي، رشيدة مجلي، محمد بجوا، حمزة اهمايش.
مراجعة وتنسيق: ذ محمد العماري و ذ. عز الدين حدو
نظم فريق الدراسات الإسلامية التابع لأكاديمية بيت اللسانيات الدولية بتعاون مع مركز استبصار للتكامل المعرفي والمجلة المغربية للدراسات الإسلامية الندوة الدولية الموسومة بـــ: "الفكر التربوي عند مفسري الغرب الإسلامي: نحو نظرية تربوية إسلامية" وذلك يومي 11 -12 مارس 2022م، والتي نسق أعمالها كل من الباحثين: الأستاذ محمد العماري والدكتور مصطفى بوهبوه، وقد عرفت الندوة حضورا متميزا بحيث تابعها أزيد من 300 باحث من أقطار مختلفة عبر تقنية التحاضر عن بعد.
الجلسة الافتتاحية
انطلقت أشغال هذه الندوة بجلسة افتتاحية على الساعة الثالثة والنصف مساء –بتوقيت المغرب- يوم الجمعة 11 مارس 2022، الموافق لـ: 8 شعبان 1443، بتسيير الدكتورة صافية كساس استهلتها بكلمة ترحيبية للحضور والمشاركين، ثم التعريف بالجهات الساهرة والمنظمة للندوة (أكاديمية بيت اللسانيات الدولية، فريق الدراسات الإسلامية التابع لها، مركز استبصار للتكامل المعرفي، المجلة المغربية للدراسات الإسلامية)، ثم افتتحت الجلسة بآيات بينات من الذكر الحكيم، تلاها الطالب الباحث: محمد الصغيري، وتبعها كلمات الجهات الحاضنة؛ بدءا بكلمة رئيس أكاديمية بيت اللسانيات الدولية الدكتور مروان السكران الذي رحب بالمشاركين والباحثين وكل الحضور، ليعرج على الحديث عن اجتهادات علماء الغرب الإسلامي في الفكر التربوي، وعملهم على استنباط الآراء التربوية في النصوص الشرعية التي أطلق عليها لاحقا "الفكر التربوي الإسلامي"، ووضح أن الاستنباطات تعبر عن النتاج العلمي للمسلمين لما بعد البعثة النبوية إلى الآن. كما أشار إلى مفهوم الفكر التربوي الإسلامي ومصادره الأساسية (القرآن الكريم، السنة النبوية، الاجتهاد، العقل) والثانوية (الاجتهاد...). واختتم كلمته بتجديد الشكر للمنظمين والكفاءات العلمية المشاركة، راجيا النجاح والتفوق لأعمال الندوة العلمية الدولية.
أما الكلمة الثانية فكانت لمدير المجلة المغربية للدراسات الإسلامية، الدكتور هشام المراكشي، الذي أعرب عن سعادته للمشاركة في الندوة، لكون موضوعها دقيقا، والأمة في حاجة إليه ليستثمر الشباب القيم التربوية الإسلامية، ومجابهة "أزمة القيم" في الحياة المعاصرة. وانتقل ليعلن عن تبني المجلة المغربية للدراسات الإسلامية أعمال الندوة ونشرها. مع تجديد الشكر للمنظمين.
أما الكلمة الثالثة فكانت لمدير فريق الدراسات الإسلامية التابع لأكاديمية بيت اللسانيات الدولية المجال الدكتور مصطفى بوهبوه: الذي أعرب عن حبوره لرؤية فعاليات هذه الندوة تتجسد بعد المجهودات الكبيرة، ليشكر كل المسهمين والداعمين لها، وأنهى حديثه بالدعوة للمتابعة والإصغاء الجيد لدرر الندوة لأهمية موضوعها وراهنية الحاجة إليه.
لتختم كلمات هذا الجلسة بكلمة مدير مركز استبصار للتكامل المعرفي الأستاذ محمد العماري (منسق الندوة): بدأ حديثه بالترحيب بالحضور وشكر المسهمين في التنظيم، وأوضح أهمية الندوة وطابعها الخاص النابع من حداثة موضوعها، وجدة طرحه، وأن غايتها الأساسية صياغة نظرية تربوية إسلامية تمتح من الماضي وتستشرف المستقبل. ليخصص الحديث للتذكير بمحاور الندوة وأهدافها، ومراحل إعدادها من وضع المسودة إلى تحكيم البحوث واختيار ستة وعشرين بحثا تشكل منها برنامج الندوة على امتداد الجلسات الخمس على مدى يومين. مؤكدا على استشراف الندوة لتوصيات تفتح المجال لندوات أخرى ذات صلة بالموضوع.
الجلسة العلمية الأولى
بعد الجلسة الافتتاحية انطلقت أشغال الندوة الدولية في جلسة أولى سيّر مجرياتها الدكتور عمر القشيري (جامعة القاضي عياض، مراكش) الذي فسح المجال لأول مداخلة حملت عنوان: معالم الفكر التربوي عند الإمام ابن عطية من خلال نصوص تفسيرية من المحرر الوجيز، للباحث: ذ. محماد الطالبي (المغرب) الذي قسم مداخلته إلى ثلاثة محاور أساسية وهي: التعريف بالإمام ابن عطية وتفسيره المحرر الوجيز، فالإمام ابن عطية كما جاء على لسان المتدخل هو أحد كبار المفسرين بالأندلس، وقد عدّه ابن فرحون من أعيان المذهب المالكي، ويعتبر تفسيره "المحرر الوجيز" من أعظم تفاسير الغرب الإسلامي.
ثم تطرق للأهداف التربوية من خلال تفسير ابن عطية: وقد اعتبر أن الأهداف التربوية من أبرز القضايا وأخطرها في ميدان التعليم، فهي المرتكز الأساسي الذي تقوم عليه التربية، وقد رسم أهدافه التربوية انطلاقا من أحكام الشرع، لذا ركز على مسألة التوحيد وذكر مجموعة من الأمثلة، ذلك أن الغاية الكبرى للتربية هي تحقيق كمال العبودية لله تعالى، والإخلاص له سبحانه.
ثم تحدث عن مبادئ العلم وطرقه عند ابن عطية؛ منها: الدافعية والحافزية. ليتحدث بعد ذلك عن طرق التعليم عند ابن عطية، ومنها: التعليم والتربية بالقدوة.
المداخلة الثانية: معالم الفكر التربوي عند مفسري الغرب الإسلامي: ابن العربي المعافري نموذجا. د. حميد الصغير (المغرب)
استهل الدكتور حميد مداخلته بالحديث عن الإمام ابن العربي العالم الموسوعي، وركز بالخصوص على الشق التربوي البيداغوجي الذي استنبطه من تراث ابن العربي، واعتبر أن هذا العالم له سبق في الحديث عن بيداغوجيات حديثة. ثم تحدث عن المنهاج التربوي: حيث اعتبر أنه يتبلور في فكر ابن العربي تبلورا كاملا من خلال: الأهداف والمحتويات ووسائل التنشيط والتقويم، مما يعد سبقا تربويا وبيداغوجيا يحسب لهذا العالِم، قبل اكتشافها من طرف الغرب. والمنهاج هو مخطط يحدد كل ما يجب أن يتعلمه المتعلم (أي المضمون) وكيف يقَدَّم له (اي الطريق) وكيفية تحصيله (أي التقويم). كما ينتقد ابن العربي طلب العلم دون منهاج يوضح الرؤية، ويرسم الأهداف بدقة.
وتحدث كذلك عن الأهداف الخاصة والعامة. ثم ذكر تقسيمه للمتعلمين إلى خمسة أصناف وهو قريب من مفهوم البيداغوجية الفارقية. في حين تطرق في محور آخر إلى المحتويات والمضامين المعرفية، حيث يرى أنه مؤمن بالتكامل المعرفي، كما يجب أن يكون هذا المنهاج جامعا لكل العلوم المتواجدة في عصره.
أما محور طرق التدريس وأساليبه، فذكر فيه؛ طريقة العرض والبيان، طريقة الإلقاء، طريقة الاستنباط، طريقة حل المشكلات، طريقة التلقين ... وغيرها من الطرق التي اعتمد عليها ابن العربي في تدريسه. وقد ذكر ابن العربي حقوق وواجبات المعلم وكذا المتعلم، وعلاقة المعلم بالمتعلم.
المداخلة الثالثة: معالم الفكر التربوي الإسلامي في تفسير "التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل" لأبي العباس المهدوي. ذة حليمة المراكشي (المغرب)
استهلت الباحثة مداخلتها بالحديث عن أهمية التراث الإسلامي في استنباط الفكر التربوي الإسلامي، ثم عرفت بالمهدوي، وبيّنت معالم الفكر التربوي عنده؛ فذكرت تنبيهات موجزة ومختصرة منها:
ربطه للعبادات بمقاصد الشريعة، وقد بينت هذا الربط من خلال أمثلة مجموعة من العبادات منها: الزكاة، الصوم، الصلاة، لتصل إلى أن لمقاصد العبادات وظائف تربوية مهمة في حياة المسلم.
ملامح الدعوة إلى التربية العقلية من خلال آيات التفكر وإعمال النظر.
دعوته إلى التفكر في أحوال الأمم، بغية ترسيخ هدف تربوي يتمثل في تحرير العقل من الجمود.
دعوته إلى الإقبال على العلم وتعلم الدين.
المداخلة الرابعة: حقيقة التزكية وعلاقتها بالتربية عند ابن عطية الأندلسي. ذ. حسن يحياوي (المغرب)
اعتبر الباحث أن أبرز القضايا التي جاءت بها الشريعة الإسلامية هي تربية الإنسان عن طريق تزكيته، وجاءت مداخلته لتعالج دلالة التزكية والتربية والعلاقة بينهما وأثرهما على القلب، بحيث خصّص المحور الأول للحديث عن دلالة التزكية والتربية والعلاقة بينهما، وأكد أن التزكية عند ابن عطية تدل على الطاعة والعبادة، وتطهير النفس، والزكاة، ووجد أن التربية هي النماء بالأخلاق، فخلص إلى أن التربية مرادف للتزكية ومعناهما: النماء في الأخلاق والأحكام الربانية، والاختلاف لا يزيد عن كون التزكية تزيد عن التربية بالمدح.
أما أثر التزكية والتربية على القلب، فيتمثل في تلقي كلام الله ليصبح نورا يضيء حياة المسلم، فتزكية القلب تنعكس إيجابيا على تزكية الجوارح، مما يجعل المسلم متوازنا في حياته.
المداخلة الخامسة: الفكر التربوي الإسلامي: مفهومه وأبعاده الدلالية –دراسة تأصيلية مفاهيمية- دة سهام الحمداني (المغرب)
أكدت الدكتورة سهام في ورقتها على ضرورة دراسة المصطلحات في العلوم الإسلامية، والنظر في المفاهيم وعلاقتها بغيرها من المفاهيم، حتى لا تختلط المعاني، وهو ما نبّه عليه ابن حزم قديما. وقد بينت أهمية الورقة التي قدمتها، متطرقة أيضا لمصطلح الفكر، وفصّلت القول فيه، واختارت تعريفا يتمثل في اعتبار الفكر " إعمال الخاطر في الشيء".
ثم تحدثت عن الفكر التربوي وذكرت أنه يضم جميع الآراء التربوية، ويشترط في هذه الآراء التي تمثل الفكر التربوي أن تكون خاضعة للمنهجية الإسلامية.
المداخلة السادسة: معالم من الفكر التربوي في تفسير ابن عطية الأندلسي. ذ. إبراهيم الفرودي (المغرب)
تناول الباحث الفرودي في المبحث الأول مسار ابن عطية التربوي، وتفسيره الذي يعتبر من أهم التفاسير في الغرب الإسلامي. وفي المبحث الثاني تطرق إلى نظرات تربوية في السور المكية، وقد اختار مجموعة من الآيات المكية التي تضم نفحات إيمانية، كما تطرق في هذا المبحث إلى التربية الأخلاقية، مستشهدا بمجموعة من الآيات.
أما المبحث الثالث فركز فيه على نظرات تربوية في السور المدنية، واختار الباحث مجموعة من الآيات المدنية لاستنباط بعض هذه النظرات التربوية، ثم تحدث عن الأسرة ومعالم التربية.
وختم مداخلته بالحديث عن التربية القرآنية للأنبياء، حيث ركز على آيات التزكية الموجودة في قصة سيدنا يوسف والخضر عليهما السلام.
المداخلة السابعة: الفكر التربوي عند الإمام ابن الفرس الغرناطي (598ه) إفادات ذاتية وامتدادات بيداغوجية. ذ. محمد الريفي
استهل الأستاذ مداخلته بالحديث عن قضية التربية والتكوين واعتبرها قضية مهمة في الفكر الإسلامي على مر العصور، ليتحدث عن أهميتها في هذا العصر الذي تعيش فيه الشخصية المسلمة حالة التيه، ودعا إلى العمل على المساهمة في إيجاد حلول لمشاكل الأمة بدل الاعتماد على الغرب.
وقد عرج في بحثه على محورين: الأوّل تحدث فيه عن العوامل الذاتية وتناول فيها نشأة الإمام ابن الفرس. والثاني جاء عبارة عن تأملات مستوحاة من منهج الإمام، حيث خلص إلى مجموعة بعض الامتدادات والإفادات منها: إعطاء معنى للتعلمات شرط نجاح التعليمات. كما تحدث عن بعض القضايا المنهجية عند الإمام ابن الفرس.
المداخلة الثامنة: معالم الفكر التربوي عند أبي بكر بن العربي من خلال أحكام القرآن. د. عبد السلام العزوزي (المغرب)
وهي المداخلة الأخيرة من هذه الجلسة، استهلها الدكتور العزوزي بالدعوة إلى العودة إلى الفكر الإسلامي لإنجاح عملية التربية والتعليم، وبين أن لابن العربي كتابات تربوية في ثنايا كتبه، حيث احتوت مؤلفاته على مناهج وطرق وآداب المتعلم والمعلم، لذا عمل على الكشف عن أفكاره التربوية من خلال تفسيره، وتمحورت مداخلته في: الفكر التربوي للإمام أبي بكر حول المعلم، الفكر التربوي للإمام أبي بكر حول المتعلم، الفكر التربوي للإمام أبي بكر حول المنهج. فمما ينبغي على المعلم أن يقوم به: تبليغ العلم؛ مساعدة طالب العلم؛ تفرس المعلم في طلابه بدراسة حال كل طالب؛ ثم اختيار الدروس. وذكر الأدوار التي يقوم بها العالم ومن أهمها: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ثم تطرق لآداب العالم ومنها: ترفعه عن أكل الشبهات. وأما المتعلم فأشار إلى ضرورة التدرج في طلب العلم والعمل به.
الجلسة العلمية الثانية
سير هذه الجلسة الثانية الدكتور علي عبيد (عضو مركز استبصار للتكامل المعرفي) والذي أعطى انطلاقتها بورقة الباحث ايخلف وسعيد (المغرب) بعنوان: القرآن الكريم مصدرا للفكر التربوي الإسلامي المعاصر - نسقية البناء. يمكن إجمال مداخلته في ثلاثة محاور رئيسة: الأولى في: مفهوم الفكر التربوي الإسلامي، والثانية حول: تربية القرآن الكريم وسياقاتها وأولها النظرية. أما الثالثة: خصائص الفكر التربوي الإسلامي في القرآن الكريم. كل ذلك ليؤكد أن الفكر التربوي الإسلامي يعتمد أسسا ومناهج وضعها القرآن الكريم، وهو فكر حي ومتصل بحياة المسلم الاجتماعية والثقافية، كما أبرز العديد من أنواع التربية في القرآن الكريم مثل التربية الخاصة والعامة.
المداخلة الثانية: الإمام الحرالي ومعالم منهجه التربوي من خلال تراثه في تفسيره، للأستاذ محمد فرحاوي (المغرب).
استهلَّ حديثه بطرح الإشكالي الآتي: ما هي مكونات هذا الفكر ومنطلقاته؟، وكيف أفصح في كتابه بدءا من الجانب التصوير ووصولا إلى الجانب العملي من خلال آرائه التفسيرية؟، مع اعتماده للمنهج الاستقرائي والتحليل. بحيث رسم ذلك في محورين: الأول خصصه للتعريف بالإمام الحرالي وكتابه ومميزاته. والثاني جعله لبيان الحمولة التربوية المضمنة في تفسير الحرالي وضمنه مطالب ثلاثة: مفهوم الوحي عند الحرالي وكيفية التعامل معه. وقد خلصت مداخلته، إلى أن التربية علم مؤطِر للأفهام، وقيام التربية على العقل بتقرير الإيمان، علاوة على وجوب الترقي في الأوصاف الحسنة من إسلام وإيمان وإحسان.
المداخلة الثالثة: الفكر التربوي عند ابن جزي الغرناطي وصفا وتحليلا، ذ رضوان القصباوي (المغرب)
أكد أن الفكر التربوي عند المسلمين كان واقعا عمليا معيشا، والبحث المعاصر كفيل بتقصي هذه النظريات، وقد انطلق من إشكالية إثبات الاستدلال للدعوة التي وسم بها ابن خلدون أهل الأندلس بكونهم متفننين في التعليم. وقد جاءت مداخلته لتناقش قضية شخصية ابن جزي وما أحاط بها من ملابسات جعلت منها أنموذجا لشخصية المربي، وتقصّي الصناعة التربوية من خلال تفسير ابن جزي ومؤلفاته.
المداخلة الرابعة: ملامح التفكير التربوي عند أبي حيان الأندلسي، ذ. إبراهيم الزكاف (المغرب)
استهلها بلمحة عن الفكر التربوي وحديث مقتضب عن أبي حيان الأندلسي. ثم بيّن تصوره للمعلم والتعلم من خلال تفسيره، كما تحدث عن أفق هذه الدراسة: وسمات التميز عنده. وخلص إلى اشتمال تفسيره على وقفات تربوية كثيرة، وتضمن تفسيره شبكة مفاهيمية متعددة ومتنوعة. ثم ذكر بعض التوصيات: كضرورة الاهتمام بالفكر التربوي عند المفسرين وضرورة توحيد الجهود في مجال التربية.
المداخلة الخامسة: معالم الفكر التربوي عند ابن عجيبة من خلال تفسيره البحر المديد في تفسير القرآن المجيد، د صالح امحيسن (ليبيا)
بين فيها أن التربية هي القصد من تأليفه هذا وهو ينتمي إلى المدرسة الصوفية التي تنهج تزكية النفس وتجعلها أصلا لها. وقد بسط فيه آداب السلوك والأخلاق والمقامات، مقدما منهجا تربويا إسلاميا صوفيا متكاملا، كما اعتمد في دراسته هاته المنهج الاستنباطي والاستقرائي والتحليلي. من خلال محورين اثنين؛ الأول: التعريف بابن عجيبة وتفسيره، والثاني: الخصائص التربوية في البحر المديد.
كما ذكر توصيات منها: ضرورة الاستفادة من الخصائص التربوية عند ابن عجيبة وتوسيع الدراسة فيه، إضافة إلى دعوته إلى عدم الجمود على طريقة واحدة في التربية.
المداخلة السادسة: آراء الإمام الطاهر ابن عاشور في قضايا إصلاح التعليم عرض وتحليل، ذ محمد بولعياض (المغرب)
افتتحها بمقدمة بيّن فيها أن ميدان التربية يشمل المتعلمين وغيرهم، مع ضرورة ربط العلم بالعمل. وجعلها في محورين؛ الأول: تشخيص مشكلات التعليم. الثاني: آراؤه في إصلاح العملية التعليمية. وبيّن من خلالهما: غايات التعليم والتعلم، مراحل التعليم والتعلم، فلسفة التعليم، ثم طرق التعليم والتعلم وأساليبه.
المداخلة السابعة: تجليات الفكر التربوي في تفسير عبد الوهاب لوقش التطواني سورة الفاتحة أنموذجا، ذ يوسف أغزيل مجاهد (المغرب)
يمكن إجمال مداخلته في المحاور التالية: الأول: التعريف بالمؤلف والمؤلف، الثاني: تجليات الفكر التربوي عند عبد الوهاب لوقش التطواني، والثالث ذكر فيه: نماذج من الأسس النظرية للفكر التربوي الإسلامي
وخلصت مداخلته إلى عدة نتائج منها: أساس التربية هو الاعتصام بحبل الله، والتربية إيمان وبعد عن الكفر.
اليوم الثاني من الندوة
الجلسة العلمية الثالثة
في اليوم الثاني 12 مارس 2022م استؤنفت جلسات الندوة الدولية التربوية بالجلسة العلمية الثالثة التي سيّرها فضيلة الدكتور خالد البورقادي (كلية الآداب فاس سايس- المغرب).
المداخلة الأولى: أساليب تربوية من خلال "التحرير والتنوير" سورة البقرة أنموذجا، للباحثة كريمة يخلف (المغرب)
استهلت المتدخّلة مشاركتها بمقدمة تعريفية مقتضبة عن صاحب التحرير والتنوير، ثم قسمت باقي مضامين الورقة - حول الأساليب التربوية التي اعتمدها ابن عاشور في تفسيره- إلى مبحثين: الأول في تربية النفس، والثاني في تربية الغير. والتي نظَمَتْها في خمسة أساليب هي كالآتي:
الأسلوب الأول: التذكير بالحِكَم والعلل،
الأسلوب الثاني: الجمع بين التأديب والعفو ورفع الهمم،
الأسلوب الثالث: الجمع بين العفو ولزوم العقاب،
الأسلوب الرابع: التمثيل في التذكير بأحوال السابقين،
الأسلوب الخامس: التعريض بدل التصريح، كنموذج من الأساليب الإصلاحية والتربوية الناجعة.
لتختم الأستاذة كريمة يخلف مقالها ببيان المقصد الرئيس لابن عاشور من منهجه في الإصلاح التربوي في تفسيره " التحرير والتنوير" حسب قوله، والمتمثل في تحصيل السعادة في الدنيا والآخرة، وجلب المنافع ودفع المضار، والبحث عن روح الإسلام المكنونة في كلام الله عز وجل، وتأسيس المدينة الصالحة، وأن من أبرز مهام المربي، تحديد الغاية والمقصود من التربية والتعليم.
المداخلة الثانية: الفكر التربوي عند الطاهر بن عاشور في تفسيره "التحرير والتنوير"، د عبد اللطيف البوزيدي (المغرب)
استهلّها فضيلته بمدخل بيّن فيه أن أسباب النهضة لا تؤتى إلا من باب التربية والتعليم، لكونها مرتبطة ببناء الإنسان الفكري والسلوكي، وفق منهاج سوي، وأشاد بدور الطاهر بن عاشور في استنباط تلك المعاني التربوية من القرآن الكريم في تفسيره "التحرير والتنوير". وقد قسم الدكتور بحثه إلى أربعة مباحث:
المبحث الأول: في مفهوم التربية والتعليم عن ابن عاشور؛ وقد استقرأ خصائص مفهوم التربية عند العلامة، لخصها في عدة خصائص أهما أن التربية هي حفظ للنشء، ورقي بالإنسان نحو الكمال، واستمرارية بتدرج، وحيلولة دون الشر.
المبحث الثاني: في بعض أصول التربية والتعليم عند ابن عاشور؛ وقد أدرج الدكتور تحت هذا المبحث مطلبان: الأول في منهجية التدريس، والذي فصله بدوره إلى ثلاث نقاط؛ الأولى حول اعتبار التعليم كعملية تفاعلية بين المعلم والمتلقي، وذلك بتمرير المعلومة على شكل سؤال وجواب، والثانية؛ الجمع بين الحفظ والفهم، فلا يكتفي المعلم بالسرد دون الحرص على عنصر الفهم، والنقطة الثالثة؛ تتجلى في استعمال الوسائل التعليمية المساعدة، وجواز اعتماد الطرق سرد القصص وأخبار الأولين، كما هو الشأن في قصص القرآن الكريم، والنقطة الرابعة والمتمثلة في اعتماد الطرق التعليمية المناسبة لكل مصر، ثم اعتماد المصادر التعليمية الرصينة.
أما المطلب الثاني فكشف فيه عن دعوة ابن عاشور إلى تحسين علاقة المعلم بالمتعلم، القائمة على حسن الأدب مع القريب والبعيد، والصبر والمتابعة والطاعة للمعلم، وذلك جلي في ملازمة النبي موسى عليه السلام مع الخضر، ثم الجمع بين التحفيز وبيان مواطن الخلل.
المبحث الثالث: التأديب في العملية التربوية عند ابن عاشور وفصله الدكتور إلى مطلبين؛ الأول في حقيقة التأديب، والثاني في أن التسامح مع المذنب هو تفويت لمقتضى الحكمة، فيلزم تصحيح الخطأ، والثالث في أن مرحلة ما قبل البلوغ هي مرحلة للتربية لا للتكليف لأنه لم يكلف بعد، ثم سرد الدكتور أنواع التأديب عند ابن عاشور، وتتجلى في مراعاة عدم رفع العقاب عن المتعلم دون إلزامه بإصلاح ما أفسد، والتعسير في جواب المتعلم، خاصة ممن ُيظهر الفهم والتحذلق، ثم تكليف المتعلم بعمل شاق، والزجر والتوبيخ.
المبحث الرابع: في البعد المقاصدي في العمل التربوي عند الطاهر بن عاشور.
ليختم الدكتور عبد اللطيف البوزيدي خلاصة مفادُها؛ أن تفسير ابن عاشور مليء بالإشارات التربوية المساعدة في بناء تصور تربوي إسلامي، كونه مستند إلى الوحي المعصوم، وأوصى الدكتور بتظافر الجهود المخلصة، للكشف عن مكنونات التفاسير الإسلامية للحظي بنظريات تربوية نافعة.
المداخلة الثالثة: معالم الإصلاح التربوي عند الطاهر بن عاشور ، ذ مصطفى السماحي (المغرب)
استهل الأستاذ المحاضر مداخلته بالشكر والتقدير للمحضِّرين والمحاضرين والحاضرين، ثم فصّل محتوى ورقته إلى أربعة مباحث؛ أولها حول العلامة الطاهر بن عاشور، الخبير التربوي، والثاني في مركزية التربية والتعليم عند الطاهر بن عاشور، أما الثالث: الطاهر بن عاشور ونقد المنظومة السائدة في بلاده، ليختم بالمبحث الرابع: في معالم الإصلاح التعليمي لدى الطاهر بن عاشور.
وختم الأستاذ المحاضر مداخلته، مشيدا بنظرة ابن عاشور الإصلاحية التربوية والتعليمية القائمة على الوفاء بما نظَّر له، والسعى بإخلاص من أجل تحقيقه، وأوصى المتدخل بالسير على خطى نظرة ابن عاشور الإصلاحية الشاملة، كمثال للرجل السياسي والمنظر والمربي، الهادف إلى الإصلاح والنهوض بمقومات الإصلاح التربوي والتعليمي.
المداخلة الرابعة: معالم الفكر التربوي عند الإمام محمد المكي الناصري، ذ أنس سليماني(المغرب)
افتتحها بمدخل أوضح فيها كمَّ الجهود الجبارة التي جادت بها أنامل وعقول أهل العلم من الغرب الإسلامي في شتى المجالات، وبالتحديد علماء التفسير المعاصرين، ومن بينهم العلامة محمد المكي الناصري الذي كانت له اليد البيضاء في التنظير للفكر التربوي الإسلامي، وقد قسم المحاضر محتوى ورقته العلمية إلى مقدمة وثلاثة مباحث:
خصص المبحث الأول لترجمة موجزة للعلامة، محيطا بنشأته ودراسته وتكوينه العلمي الشرعي والأكاديمي، ومناصبه ومؤلفاته، وأشاد المحاضر بموسوعية العلامة وتكامل معارفه
أما في المبحث الثاني فقد خصصه للتعريف بكتابه "التيسير في أحاديث التفسير" أما المبحث الثالث، فقد سلط المحاضر من خلاله الضوء على معالم الفكر التربوي عند المكي الناصري، حيث يلمس جوانب تربوية استشفها العلامة من فيض معاني القرآن الكريم عبادة تشريعا وسلوكا، والتي بدت جلية في تفسيره، وتلك المبادئ والأفكار التي غطت فضاء كتابه، والتي يمكن إجمالها في مطالب أربعة: الأول: حول العقيدة، والثاني: المخصص للإنسان، لينتقل إلى المطلب الثالث الخاص بالكون ثم المطلب الرابع، والمتمثل في القيم، حيث قسمه المحاضر إلى شطرين؛ قيم مركزية أدرج من خلالها قيمة التوحيد الداعية إلى حفظ الدين، ويتفرع عنها قيم فرعية كالإيمان والتواضع والطاعة والعدل و الحرية والمساواة ، ثم قيمة العمران كقيمة مركزية ويتفرع عنها قيم فرعية كقيمة التسامح والتعاون وحب العمل.
ويختم مداخلته مشيدا بفكر العلامة محمد المكي الناصري، وبتفسيره وفكره التربوي ونظرته الموسوعية، القائمة على الممارسة والتجريد، مع طرحه لخلاصة لورقته العلمية.
المداخلة الخامسة: ملامح المنهاج التربوي عند الشيخ محمد المكي الناصري من خلال كتابه "التيسير في أحاديث التفسير"، ذ مصطفى المعتصم (المغرب)
فصّل الأستاذ المحاضر محتوى مداخلته إلى محورين: الأول؛ حول التعريف بالشيخ وأثر أسرته وأساتذته في تكوينه. والمحور الثاني حول: ملامح المنهاج التربوي عند الشيخ محمد المكي الناصري، من خلال "التيسير في أحاديث التفسير".
وبدأها تفصيلا بمدخل عن الفكر التربوي عند الناصري، وأثر ذلك في مبادئ ورؤى ومكونات كتابه التيسير في أحاديث التفسير، المتميز بالمنهج العلمي التربوي الرصين، وخطابه لشرائح المجتمع بأسلوب تدرجي سلس حكيم، وألقى نبذة وجيزة عن ترجمة العلامة وعن نشأته وأجواء ترعرعه بين دور العلم والتربية وحب الفضيلة والإحساس بالحرية التعليمية والفكرية منذ صغر سنه، وأشاد المحاضر بالأثر الذي تركه أساتذته ومشايخه في تكوين شخصيته ونجاحه إلى غير ذلك.
وخصص المحاضر المحور الثاني للحديث عن ملامح المنهاج التربوي عند الشيخ، من بين تلك الملامح؛ الأهداف التربوية والأهداف الخلقية التي تجلت في تفسيره بشكل أكبر من الأهداف المعرفية، ثم أتى المحاضر على سرد الأساليب والطرق التي انتهجها العلامة المكي الناصري في تفسيره.
وختم الأستاذ المحاضر مداخلته بملخص لما سبق، مع التنويه بخبرة الرجل وممارسته وحنكته في التصنيف والإلقاء والمعرفة، وأوصى بتتبع خطواته نحو النهوض بالتعليم والتربية والتكوين لمختلف المستويات، توقا لبلوغ الكمال والنهوض الحضاري.
المداخلة السادسة: معالم الفكر التربوي عند مفسري الغرب الإسلامي: الدكتور فريد الأنصاري أنموذجا، د لخلافة المتوكل (المغرب).
افتتح الأستاذ المحاضر مداخلته بكلمة شكر وترحيب، منوها بموضوع الندوة، باعتباره من أهم العلوم الشرعية، وهو علم التفسير، واستلهاما واستمدادا لنظرية تربوية إسلامية، فصنعة التفسير- حسب المحاضر- هي من خير الصناعات، والمشتغل بالتفسير مشتغل على خير كتاب وخير كلام، متشبعا بمجموعة من القواعد والمؤهلات تتيح له الغوص في مكنونات وبيان كتاب الله عز وجل، وقد ارتأى الأستاذ المحاضر؛ تقسيم ورقته العلمية إلى شقين:
الأول حول معالم الفكر التربوي عند مفسري الغرب الإسلامي، وهو عبارة عن دراسة لإبراز جوانب وأبعاد من معالم تطبيق الدراسة من خلال تفسيره "مجالس القرآن" وهو تفسير تربوي بامتياز.
والشق الثاني؛ وهو تطبيق على تفسير "مجالس القرآن، مدارسات في رسالات الهدى المنهاجي للقرآن الكريم من التلقي إلى البلاغ"، وذلك واضح - حسب الأستاذ المحاضر- من خلال مكونات العنوان التي تتسم بالعمق والحمولة التربوية، وهو من المصطلحات الأصيلة في التراث الإسلامي، وكذلك كان الشأن مع باقي المصطلحات العنوان.
وسعى الأستاذ المحاضر، إلى بيان بعض ملامح الفكر التربوي والتفسيري لدى العلامة، فيما سماه بمصادر المشروع، على المستوى المنهجي وعلى المستوى العلمي، مؤكدا على ضرورة الحسم في مسألة المرجعيات وأصول الشريعة الإسلامية، ثم قسم العلامة التفسير إلى قسمين؛ القسم النظري؛ الذي حاول من خلاله إبراز مشروعه التربوي، بقواعد وتوجيهات تيسر عمليات إنجاح تلك المجالس، ومنه إبراز الحاجة إلى تدارس القرآن الكريم (أهمية المادة) والتعريف بالقرآن الكريم (البدء بالمفاهيم)، على اعتبار المجلس مفتاح المشروع، وهو مسلك تربوي بسيط (التيسير)، ثم تحدث العلامة عن الخطوات المنهجية الثلاث، وتكمن في تدارس القرآن الكريم (الديداكتيك)، المنهج الأول؛ والمتمثل في تلاوة القرآن الكريم بمنهج التلقي (الاستقبال بالحضور القلبي)، والمنهج الثاني؛ ومنه التعلم والتعليم بمنهج التدارس ، وتتبع صيغ العبارات واستخلاص المقاصد والغايات من كل آية ومن كل سورة، والمتضمن لآليات الحوار والبرهان والاستدلال، ثم المنهج الثالث؛ وهو التزكية بمنهج التدبر، والغاية منه الاعتياد على القيم والأخلاق الرفيعة، ثم المنهج العملي لإقامة مجالس القرآن ومنها النية الخالصة، واختيار الوقت المناسب للتعليم، مع مراعاة آداب المجلس الجلوس وحسن الإنصات أثناء القراءة.
الجلسة العلمية الرابعة
أدار محاورها الدكتور هشام المراكشي (عن المجلة المغربية للدراسات الإسلامية) وافتتحت بمداخلة الباحث "محمد العماري" من المغرب، وسمها ب" معالم الفكر التربوي بين ابن عاشور وابن باديس، دراسة مقارنة"، حيث استهل مداخلته بالحديث عن أبرز سبب لتخلف النظام التربوي في البلاد الإسلامية وهو البعد عن تعاليم الدين واتباع النظريات التربوية الغربية، مشيراً إلى أنه في العصور المتأخرة لمع نجمان بارزان هما العلامة المفسر " الطاهر بن عاشور" وتلميذه العالم "ابن باديس" -رحمهما الله-، وتكمن أهمية الموضوع في الجانب المقارناتي بين فكر العلمين؛ في حين تكمن إشكالية الدراسة في أن الاهتمام بالفكر التربوي عند مفسري الغرب الإسلامي نابع من صلاحية القرآن الكريم لكل زمان ومكان، إذ به تصلح الأمة الإسلامية وتتقدم خاصة في الجانب التربوي، ثم تطرق لملامح الفكر التربوي عند العلمين وأبرز نقاط الالتقاء والافتراق بينهما في نظريتهما التربوية، ومدى إمكانية بناء لبنة لنظرية تربوية إسلامية شاملة عند مفكري الغرب الإسلامي؛ كما أشار الباحث إلى الدراسات السابقة وتطرق للخطة المعتمدة في دراسته وكذلك المراجع، ليدلف إلى عقد مقارنة بين العلمين من ناحية نظرتيهما إلى المعلم ومن ناحية نظريتهما إلى المتعلم ثم المناهج والبرامج وكذا الطرق والأساليب والوسائل، فقد أدخل ابن عاشور –رحمه الله- الوسائل التعليمية المتاحة مراعياً تدرج المستويات وطرق التدريس، في حين أن ابن باديس" –رحمه الله- اعتمد أسلوب الترغيب في تلقي العلم والاقتصاد في العلم وعدم التوسع فيه والاعتماد على الربانية والتدرج في التلقين والتعليم، وغيرها من الجوانب المهمة في المجال التربوي عند هذين العلمين المفسرين.
المداخلة الثانية: "معالم المنهاج التربوي بين ابن جزي الكلبي والمكي الناصري، دراسة مقارنة"، د مصطفى فاتيحي (المغرب).
حيث تضمنت دراسته معالم الفكر التربوي عند كل من "ابن جزي" و" المكي الناصري" –رحمهما الله-، تطرق الباحث لأوجه الاتفاق و الاختلاف عند هذين العلمين، مؤكداً على أن " ابن جزي" لم يكتب مباشرة في التربية والتعليم ولم يقف عند اللطائف التربوية التي يمكن استخراجها من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وإنما تميز أسلوبه –رحمه الله- في الكتابة والتأليف بحس تعليمي بديع من خلال الطريقة التي نهجها في تقريب المسائل والقضايا ومن حيث التبسيط والاختصار والبعد عن الاستطراد، كما تضمنت عناوين كتبه رؤية في التعليم والتربية مقدما أمثلة لذلك، ثم ختم مداخلته بأهم مواقف "ابن جزي" التي يمكن من خلالها استنتاج معالم منهجية في التربية والتعليم، لينتقل بعد ذلك لدراسة معالم الفكر التربوي لدى العلامة "المكي الناصري" الذي كان ذا تحريرات وتحقيقات في الموضوع تتميز بالفرادة والنفاسة، حيث تحدث –رحمه الله- عن الأهداف التربوية فأورد الباحث أمثلة لذلك، كما تحدث عن أساليب التعليم وطرقه لدى العلامة "المكي الناصري".
المداخلة الثالثة: لمع في الفكر التربوي بين المفسر "الطاهر بن عاشور" والفيلسوف "جون ديوي" للدكتور عمر صوصي (المغرب)
أشار بداية إلى أنه قسم عمله إلى ثلاثة مباحث، خصص المبحث الأول لأهم ملامح الفكر التربوي للعلامة" الطاهر بن عاشور"، والمبحث الثاني لأهم ملامح الفكر التربوي للفيلسوف " جون ديوي" الذي يعتبر منظراً للتربية الحديثة من خلال تطبيق رؤياه الفلسفية، ؛ ثم أخيراً المبحث الثالث جعله دراسة مقارنة بين فكري العلمين، فقدم الباحث أمثلة لمؤلفات هذين العلمين مبرزا نقاط الالتقاء والافتراق بينهما.
المداخلة الرابعة: أصول الفكر التربوي عند "الطاهر بن عاشور" من خلال كتاب "التحرير والتنوير" ذ رضوان القصيبي (المغرب)
افتتح موضوع دراسته بمقدمة أكّد فيها على أن التربية تعدّ مشروعاً متكاملاً قائماً على أصول ومبادئ نظرية وليس جهداً فردياً، مما يعني أنه عملية اجتهادية حاول أصحابها صياغتها بمراعاة مختلف السياقات النفسية والاجتماعية والمعرفية ليكون أرضية تربوية، ليتحدث بعد ذلك عن اختلاف أنظار الفلاسفة وعلماء الإسلام في مستند التربية ومصدرها، ثم حاول إبراز الأصول القرآنية للأساليب التربوية التي سطرها "ابن عاشور" في تفسيره "التحرير والتنوير"، حيث تطرق لتحديد مفهوم التربية عنده مبيناً ملمحاً من ملامح منهج الفكر التربوي لديه، ثم انتقل بعد ذلك للحديث عن الأصول التي استمد منها "ابن عاشور" فكره التربوي، وقد جعلها الباحث في أصلين اثنين: الأول هو أصل الوحي المتمثل في القرآن الكريم والسنة النبوية، والثاني هو أصل الواقع الذي يعتبر ركيزة مهمة لإصلاح التعليم، فقد عايش"ابن عاشور" الواقع وخبره فاستنتج أن هذا الواقع لا يرقى لتكوين الطالب الكفؤ، وأن الأمة غير مواكبة لتطورات العصر حيث لاحظ أن المسلمين يكتفون بما يتلقونه من حضارات الغرب في محال التربية والتعليم، فنادى بإصلاح التعليم من خلال إعداد القدوة والقادة واستخدام الأساليب التحفيزية في التربية.
المداخلة الخامسة: أسس بناء النظرية التربوية الإسلامية من خلال تفسير "التحرير والتنوير" للعلامة "الطاهر بن عاشور"، ذ عبدالله بوشروض( المغرب)
مهّد الباحث لمداخلته بتوطئة بيّن عبرها الحاجة الماسة اليوم إلى بناء نظرية تستند إلى المبادئ الإسلامية والمتميزة بخصائص مفقودة في النظريات المعمول به حالياً، وتحديد الأسس والمقومات بالرجوع إلى القرآن الكريم، مؤكداً على أن كتب التفسير أوثق صلة بالقرآن الكريم لأنها تبين معانيه، وباستقراء تفسير "التحرير والتنوير" وجده يتحدث في مقدمته عن المقاصد التي جاء القرآن لبيانها، وقد حاول الباحث من خلال هذه المقاصد استنتاج أسس بناء النظرية التربوية الإسلامية، مشيراً إلى أنه لخص هذه الأسس في ثلاث محاور: المحور الأول هو التربية العقدية، والمحور الثاني وهو التربية بالخلق والقدوة الحسنة، والمحور الثالث التربية بالتواصل خلق التربية المندمجة، ثم توسع في هذه المحاور حسب ما يسمح به وقت المداخلة.
اختتمت فعاليات هذه الجلسة العلمية المباركة بمناقشة مداخلات السادة الحضور الذين تفاعلوا مع مواضيع الجلسة بشكل كبير وإيجابي.
الجلسة الختامية
استهل ميسر الجلسة الأستاذ محمد العماري كلمته بتقديم لما ستتضمنه الجلسة الختامية؛ من كلمات للجهات الراعية لهذه الندوة؛ وهي أكاديمية بين اللسانيات الدولية، وفريق الدراسات الإسلامية التابع لها، والمجلة المغربية للدراسات الإسلامية التي يرأسها الدكتور هشام المراكشي، ومركز استبصار للتكامل المعرفي الذي يشرف عليه الأستاذ محمد العماري، وبعد ذلك جاء الختم بقراءة مجموعة من التوصيات التي حرصت اللجنة المنظمة على جمعها، والتوصل بباقي التوصيات من مختلف الباحثين، وعلى أن تصدر مع الورقات الخاصة بأشغال هذه الندوة في المجلة المغربية للدراسات الإسلامية.
كلمة الدكتور مروان السكران: مدير أكاديمية بين اللسانيات الدولية
قدم الدكتور مروان السكران شكره الجزيل للباحثين والمتابعين لأشغال الندوة على مداخلاتهم القيمة ولكل من ساهم في نجاح هذه الندوة المباركة، وخص بذلك فريق الدراسات الإسلامية بأكاديمية بيت اللسانيات الدولية في شخص مديره الدكتور مصطفى بوهبوه وإلى كل أعضاء فريقه كل باسمه ولقبه، وإلى مركز استبصار للتكامل المعرفي ممثلا في شخص مديره الأستاذ محمد العماري، وإلى المجلة المغربية للدراسات الإسلامية في شخص مديرها الدكتور هشام المراكشي، ضاربا موعدا في لقاءات علمية مقبلة إن شاء الله.
كلمة رئيس فريق الدراسات الإسلامية بأكاديمية بيت اللسانيات الدولية؛ الدكتور مصطفى بوهبوه
شكر الدكتور مصطفى بوهبوه جميع الباحثين الذين تقدموا بورقاتهم البحثية، معربا سعادته بالفوائد الغنية والدرر التربوية التي اشتملت عليها هذه المداخلات. كما عبر على أن هذا النشاط ليس هو آخر نشاط لفريق الدراسات الإسلامية، بل ما يزال هناك ندوات ومحاضرات واستكتابات عما قريب سيتم نشرها للباحثين، كما قدم شكره للدكتور مروان السكران مدير أكاديمية بيت اللسانيات الدولية على متابعته وإشرافه العام، كما تقدم بالشكر الجزيل للأستاذ محمد العماري الذي سهر على إنجاح هذه الندوة وللجنة التقنية الساهرة معه في الخفاء، كما شكر جهود المحكمين واللجنة العلمية، وختم كلمته بأن هذه الورقات البحثية سيتم نشرها حتى تعم الفائدة بها.
كلمة مدير المجلة المغربية للدراسات الإسلامية: الدكتور هشام المراكشي
أعرب الدكتور هشام المراكشي عن حمده وشكره لله على توفيقه، وأنه له الشرف أن يكتب اسمه واسم المجلة التي يديرها إلى جانب السادة الباحثين والدكاترة الأجلاء، وأن يقترن اسمها بجانب القرآن الكريم وتفسيره بالغرب الإسلامي، واعتبر ذلك تشريفا للإنسان بنفسه؛ سواء كان طالبا أو أستاذا أو باحثا.
وانطلاقا من القاعدة التي قررها وهي أن "اللسان حر والقلم أسير" عبر على أنه إذا لم تنشر أشغال هذه الندوة فلم تكون هناك فائدة من ورائها للأجيال اللاحقة، مؤكدا سعي المجلة المغربية للدراسات الإسلامية على نشر هذه الورقات البحثية إن شاء الله لأنها ضمت إسهامات لمجموعة من الباحثين وثلة من الأساتذة والدكاترة، مؤكدا أن النشر في المجلة هو مفتوح في وجه الباحثين بجل تخصصاتهم الشرعية.
كلمة منسق اللجنة المنظمة والتقنية؛ ذ ياسين جمال الإدريسي ونابت عنه فيها ذة شيماء زعبك (عضو في مركز استبصار للتكامل المعرفي).
بعد التحية والترحيب، هنأت أكاديمية بيت اللسانيات الدولية التي مكنت من عقد هذه الندوة الدولية، كما هنأت فريق الدراسات الإسلامية بالأكاديمية على سهره وتعبه وحسن تسييره لأمور الندوة منذ أن كانت فكرة في الأذهان إلى أن أصبحت واقعا ملموسا وجليا، كما توجهت بالتهنئة والشكر لمركز استبصار للتكامل المعرفي وأعضائه، وكذا للمجلة المغربية للدراسات الإسلامية في شخص رئيسها الدكتور هشام المراكشي على تعاونه لإنجاح هذه الندوة الدولية.
ووجهت كذلك أسمى عبارات الشكر والثناء لأعضاء اللجنة التقنية بأكاديمية بيت اللسانيات الدولية ولجنة التحكيم والبحث العلمي بالأكاديمية التي رافقت الفريق في هذه الندوة، وكذا اللجنة التقنية التابعة لمركز استبصار التي بذلت الغالي والنفيس وكانت علامة فارقة في نجاح هذه الندوة المباركة.
واختتمت كلمتها بتقديم الشكر للقائمين على هذه الندوة داعية الباحثين المهتمين لتعبئة استمارة العضوية سوء الخاصة بالأكاديمية أو بالمركز.
قراءة التوصيات من طرف ميسر الجلسة؛ الأستاذ محمد العماري
أكد الأستاذ محمد العماري، على أن هذه التوصيات صيغة على عجل في انتظار توصيات أخرى من قبل الباحثين، وقدمها كالآتي:
1- عقد ندوة في التنزيل الفعلي للفكر التربوي الإسلامي على الواقع، خصوصا عند مفسري الغرب الإسلامي.
2- تدقيق وتعزيز البحث في التفاسير التي بحثت، أو في غيرها من تفاسير الغرب الإسلامي.
3- فتح مسالك خاصة بالفكر التربوي في الجامعات أو في المراكز الجهوية للتربية والتكوين.
4- بعض التفاسير لم تلق حقها من الكشف عن معالم التفسير عن أصحابها؛ كتفسير لوقش المغربي، وعند الدكتور فريد الأنصاري رحمه الله، وتفسير البحر المديد لابن عجيبة، وتفسير الحرالي المراكشي، وتفسير المهدوي..
5- الكشف عن معالم الفكر التربوي عند مفسري الغرب الإسلامي لا يعني الجمود عليها وإنما هو خطوة من خطوات الارتقاء بالفكر التربوي؛
6- ضرورة إيلاء المدرس المكانة اللائقة به وإعلاء شأنه كما كان في القديم عند العلماء.
7- المركز والأكاديمية والمجلة المغربية للدراسات الإسلامية منفتحون على كل التوصيات.
8- الانفتاح على الأدبيات التربوية الغربية، وعقد مقارنات بينها وبين الفكر التربوي الإسلامي خصوصا في الغرب الإسلامي.
9- محاولة صياغة نظرية تربوية إسلامية من خلال الجمع بين بحوث هذه الندوة، والإنتاجات العلمية الأخرى المنشورة.
واختتم الأستاذ محمد العماري كلمته بشكر جميع الشركاء الذين أسهموا في نجاح هذه الندوة العلمية المباركة، وكذا السادة الدكاترة الذين قاموا بتسيير الجلسات العلمية، والباحثين الذي تكفلوا بمهمة إنجاز تقارير عنها، ليضرب وعدا بعقد ندوات أخرى في الموضوع.
ما شاء الله ندوة موفقة وعمل منظم. بالتوفيق والسداد
ردحذف